وقوله تعالى :﴿ وَعِنَباً ﴾ عطفٌ على حباً وليسَ من لوازم العطفِ أنْ يُقيدَ المعطوفُ بجميع ما قُيدَ به المعطوفُ عليه فلا ضيرَ في خُلوِّ إنباتِ العنبِ عن شقِّ الأرضِ ﴿ وَقَضْباً ﴾ أي رطبة، سُميتْ بمصدرِ قضَبهُ أي قطَعهُ مبالغةً كأنَّها لتكرر قطعِها وتكثرِه نفسُ القطعِ. ﴿ وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً ﴾ الكلامُ فيهما وفي أمثالِهما كما في العنبِ ﴿ وَحَدَائِقَ غُلْباً ﴾ أي عظاماً وصفَ به الحدائقُ لتكاثفها وكثرةِ أشجارِها أو لأنَّها ذاتُ أشجارٍ غلاظٍ مستعارٌ من وصفِ الرقابِ ﴿ وفاكهة وَأَبّاً ﴾ أي مَرْعى من أبَّه إذَا أمَّه أي قصَدُه لأنَّه يُؤمُ ويُنتجعُ أو منْ أبَّ لكذَا إذا تهيأَ له لأنَّه متهيىءُ للرَّعِي، أو فاكهةً يابسةً تؤبُ للشتاءِ. وعن الصدِّيقِ رضيَ الله عنْهُ أنَّه سُئلَ عن الأبِّ فقالَ : أيُّ سماءٍ تُظلِني، وأيُّ أرضٍ تُقِلَني إذَا قلتُ في كتابِ الله ما لاَ علَم لى بهِ. وعن عمرَ رضيَ الله عنْهُ أنَّه قرأَ هذه الآيةَ فقالَ : كلُّ هذا قد عرفَنا فَما الأبُّ ثم رفعَ عصاً كانتْ بيدِه وقالَ : هَذا لعَمْرُ الله التكلفُ، وما عليكَ يا ابنَ أُمِّ عمرَ أنْ لا تدريَ ما الأبُّ ثم قالَ : اتبعُوا ما تبينَ لكُم من هذا الكتابِ وما لاَ فدعُوه. ﴿ متاعا لَّكُمْ ولأنعامكم ﴾ إما مفعولٌ له أيْ فُعِلَ ذلكَ تمتيعاً لكُم ولمواشيكُم فإنَّ بعضَ النعمِ المعدودةِ طعامٌ لهم وبعضَها علفٌ لدوابِّهم. والالتفاتُ لتكميل الامتنانِ. وإمَّا مصدرٌ مؤكدٌ لفعله المضمرِ بحذفِ الزوائدِ، أي متعكُم بذلكَ متاعاً، أو لفعلٍ مترتبٍ عليهِ أي معكُم بذلك فتمتعتُم متاعاً أي تمتعاً كما مرَّ غيرَ مرةٍ، أو مصدرٌ من غير لفظهِ فإنَّ ما ذُكرَ من الأفعالِ الثلاثةِ في مَعْنى التمتيعِ.