وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ عَبَسَ وتولى ﴾
أي : كلح بوجهه وأعرض.
وقرىء " عبس " بالتشديد.
﴿ أَن جَاءهُ الأعمى ﴾ مفعول لأجله، أي لأن جاءه الأعمى، والعامل فيه إما ﴿ عبس ﴾، أو ﴿ تولى ﴾ على الاختلاف بين البصريين والكوفيين في التنازع هل المختار إعمال الأوّل أو الثاني؟
وقد أجمع المفسرون على أن سبب نزول الآية : أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبيّ ﷺ، وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أمّ مكتوم، فكره رسول الله ﷺ أن يقطع عليه ابن أمّ مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت، وسيأتي في آخر البحث بيان هذا إن شاء الله.
﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى ﴾ التفت سبحانه إلى خطاب نبيه ﷺ ؛ لأن المشافهة أدخل في العتاب : أي أيّ شيء يجعلك دارياً بحاله حتى تعرض عنه، وجملة :﴿ لَعَلَّهُ يزكى ﴾ مستأنفة لبيان أن له شأناً ينافي الإعراض عنه أي : لعله يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح بسبب ما يتعلمه منك، فالضمير في ﴿ لعله ﴾ راجع إلى ﴿ الأعمى ﴾، وقيل : هو راجع إلى الكافر أي : وما يدريك أن ما طمعت فيه ممن اشتغلت بالكلام معه عن الأعمى أنه يزكى، أو يذكر، والأوّل أولى.
وكلمة الترجي باعتبار من وجه إليه الخطاب للتنبيه على أن الإعراض عنه مع كونه مرجوّ التزكي مما لا يجوز.
قرأ الجمهور ﴿ أن جاءه الأعمى ﴾ على الخبر بدون استفهام، ووجهه ما تقدّم.


الصفحة التالية
Icon