وقرأ الحسن :" آن جاءه " بالمدّ على الاستفهام، فهو على هذه القراءة متعلق بفعل محذوف دلّ عليه ﴿ عبس ﴾ و ﴿ تولى ﴾، والتقدير أن جاءه الأعمى تولى وأعرض، ومثل هذه الآية قوله في سورة الأنعام :﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشى ﴾ [ الأنعام : ٥٢ ] وكذلك قوله في سورة الكهف :﴿ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا ﴾ [ الكهف : ٢٨ ] وقوله :﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ ﴾ عطف على ﴿ يزكى ﴾ داخل معه في حكم الترجي أي : أو يتذكر، فيتعظ بما تعلمه من المواعظ ﴿ فَتَنفَعَهُ الذكرى ﴾ أي : الموعظة.
قرأ الجمهور :﴿ فتنفعه ﴾ بالرفع، وقرأ عاصم وابن أبي إسحاق، وعيسى، والسلمي، وزرّ بن حبيش بالنصب على جواب الترجي ﴿ أَمَّا مَنِ استغنى ﴾ أي : كان ذا ثروة وغنى، أو استغنى عن الإيمان، وعما عندك من العلم ﴿ فَأَنتَ لَهُ تصدى ﴾ أي : تصغي لكلامه، والتصدّي الإصغاء.
قرأ الجمهور ﴿ تصدّى ﴾ بالتخفيف على طرح إحدى التاءين تخفيفاً، وقرأ نافع، وابن محيصن بالتشديد على الإدغام، وفي هذا مزيد تنفير له ﷺ عن الإقبال عليهم، والإصغاء إلى كلامهم.
﴿ وَمَا عَلَيْكَ أَن لا يزكى ﴾ أي : أيّ شيء عليك في أن لا يسلم، ولا يهتدي، فإنه ليس عليك إلاّ البلاغ، فلا تهتم بأمر من كان هكذا من الكفار، ويجوز أن تكون " ما " نافية، أي : ليس عليك بأس في أن لا يتزكى من تصدّيت له، وأقبلت عليه، وتكون الجملة في محل نصب على الحال من ضمير تصدّى.
ثم زاد سبحانه في معاتبة رسوله ﷺ فقال :﴿ وَأَمَّا مَن جَاءكَ يسعى ﴾ أي : وصل إليك حال كونه مسرعاً في المجيء إليك طالباً منك أن ترشده إلى الخير، وتعظه بمواعظ الله، وجملة :﴿ وَهُوَ يخشى ﴾ حال من فاعل يسعى على التداخل، أو من فاعل جاءك على الترادف.


الصفحة التالية
Icon