﴿ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴾ كلا ردع، وزجر للإنسان الكافر أي : ليس الأمر كما يقول.
ومعنى : لما يقض ما أمره، لم يقض ما أمره الله به من العمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وقيل : المراد الإنسان على العموم، وأنه لم يفعل ما أمره الله به مع طول المدّة ؛ لأنه لا يخلو من تقصير.
قال الحسن : أي : حقاً لم يعمل ما أمر به.
وقال ابن فورك : أي : كلا لما يقض لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان، بل أمره بما لم يقض له.
قال ابن الأنباري : الوقف على " كلا " قبيح، والوقف على ﴿ أمره ﴾ جيد، و " كلا " على هذا بمعنى حقاً.
وقيل المعنى : لما يقض جميع أفراد الإنسان ما أمره، بل أخلّ به : بعضها بالكفر، وبعضها بالعصيان، وما قضى ما أمره الله إلاّ القليل.
ثم شرع سبحانه في تعداد نعمه على عباده ؛ ليشكروها، وينزجروا عن كفرانها بعد ذكر النعم المتعلقة بحدوثه فقال :﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ ﴾ أي : ينظر كيف خلق الله طعامه الذي جعله سبباً لحياته؟ وكيف هيأ له أسباب المعاش يستعدّ بها للسعادة الأخروية؟ قال مجاهد : معناه، فلينظر الإنسان إلى طعامه أي : إلى مدخله، ومخرجه، والأوّل أولى.
ثم بيّن ذلك سبحانه فقال :﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الماء صَبّاً ﴾ قرأ الجمهور :( إنا ) بالكسر على الاستئناف.
وقرأ الكوفيون، ورويس عن يعقوب بالفتح على أنه بدل من ﴿ طعامه ﴾ بدل اشتمال لكون نزول المطر سبباً لحصول الطعام، فهو كالمشتمل عليه، أو بتقدير لام العلة.
قال الزجاج : الكسر على الابتداء والاستئناف، والفتح على معنى البدل من الطعام.
المعنى : فلينظر الإنسان إلى أنا صببنا الماء صباً، وأراد بصبّ الماء : المطر.
وقرأ الحسن بن عليّ بالفتح والإمالة :﴿ ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً ﴾ أي : شققناها بالنبات الخارج منها بسبب نزول المطر شقاً بديعاً لائقاً بما يخرج منه في الصغر، والكبر، والشكل، والهيئة.


الصفحة التالية
Icon