ثم بيّن سبب هذا الشقّ، وما وقع لأجله، فقال :﴿ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً ﴾ يعني : الحبوب الذي يتغذى بها، والمعنى : أن النبات لا يزال ينمو، ويتزايد إلى أن يصير ﴿ حباً ﴾، وقوله :﴿ وَعِنَباً ﴾ معطوف على حباً أي : وأنبتنا فيها عنباً، قيل : وليس من لوازم العطف أن يقيد المعطوف بجميع ما قيد به المعطوف عليه، فلا ضير في خلوّ إنبات العنب عن شقّ الأرض، والقضب : هو القتّ الرطب الذي يقضب مرّة بعد أخرى تعلف به الدواب، ولهذا سمي قضباً على مصدر قضبه أي : قطعه كأنه لتكرّر قطعها نفس القطع.
قال الخليل : القضب الفصفصة الرطبة، فإذا يبست فهي : القتّ.
قال في الصحاح : والقضبة، والقضب الرطبة، قال : والموضع الذي ينبت فيه مقضبة.
قال القتيبي، وثعلب : وأهل مكة يسمون العنب القضب.
والزيتون هو ما يعصر منه الزيت، وهو شجرة الزيتون المعروفة، والنخل هو جمع نخلة ﴿ وَحَدَائِقَ غُلْباً ﴾ جمع حديقة، وهي البستان، والغلب : العظام الغلاظ الرقاب.
وقال مجاهد، ومقاتل : الغلب الملتفّ بعضها ببعض، يقال : رجل أغلب : إذا كان عظيم الرقبة، ويقال للأسد : أغلب ؛ لأنه مصمت العنق لا يلتفت إلاّ جميعاً.
قال العجاج :
مازلت يوم البين ألوي صلبي... والرأس حتى صرت مثل الأغلب
وجمع أغلب وغلباء : غلب، كما جمع أحمر، وحمراء على حمر.
وقال قتادة، وابن زيد : الغلب النخل الكرام.
وعن ابن زيد أيضاً، وعكرمة : هي غلاظ الأوساط، والجذوع.
والفاكهة : ما يأكله الإنسان من ثمار الأشجار كالعنب، والتين، والخوخ، ونحوها.
والأبّ : كل ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس، ولا يزرعونه من الكلأ، وسائر أنواع المرعى، ومنه قول الشاعر :
جدّنا قيس ونجد دارنا... ولنا الأبّ بها والمكرع
قال الضحاك : الأبّ كل شيء ينبت على وجه الأرض.
وقال ابن أبي طلحة : هو الثمار الرطبة.
وروي عن الضحاك أيضاً أنه قال : هو التين خاصة، والأوّل أولى.