وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا الصحف نُشِرَتْ ﴾
أي فُتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كَتَبَت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تُطْوَى بالموت، وتنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته، فيعلم ما فيها، فيقول :﴿ مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ ُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
وروَى مَرْثَد بن وَدَاعة قال : إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [ الغاشية : ١٠ ] إلى قوله :﴿ الأيام الخالية ﴾ [ الحاقة : ٢٤ ] وتقع صحيفة الكافر في يده "فِي سَمُومٍ وحَمِيم إلى قوله : ولا كريم".
ورُوِي " عن أمّ سلمة رضي الله عنها.
أن رسول الله ﷺ قال :"يُحْشَر الناس يوم القيامة حُفاة عراة" فقلت : يا رسول الله! فكيف بالنساء؟ قال :"شُغِل الناس يا أمَّ سَلَمة".
قلت : وما شَغَلَهم؟ قال :"نشر الصحف فيها مثاقيل الذرّ ومثاقيل الخردل" "
وقد مضى في سورة "سُبْحان" قول أبي الثوّار العدَوِيّ : هما نَشْرَتان وطَيَّة، أما ما حييت يا بن آدم فصحيفتك المنشورة، فأملِ فيها ما شئت، فإذا مِت طوِيت، حتى إذا بُعثت نشِرت ﴿ اقرأ كِتابك كفى بِنفسِك اليوم عليك حسِيباً ﴾ [ الإسراء : ١٤ ].
وقال مقاتل : إذا مات المرء طُوِيت صحيفة عمله، فإذا كان يوم القيامة نُشِرت.
وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال : إليك يساق الأمر يا بن آدم.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو "نُشِرَتْ" مخففة، على نشرت مرة واحدة، لقيام الحجة.
الباقون بالتشديد، على تكرار النشر، للمبالغة في تقريع العاصي، وتبشير المطيع.
وقيل : لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه.