لا سمع أسمع به، فجاء هذا كشعاع الشمس فيه نطق لساني وبه أبصر عيني وبه مشت رجلي وبه سمعت أذني فضعف عليه أنواع العذاب ونجني قال : فيضرب الله لهما مثلاً أعمى ومقعد أدخلا بستاناً فيه ثمار فالأعمى لا يبصر والمقعد لا ينالها، فنادى المقعد للأعمى ائتني فاحملني آكل وأطعمك فدنا منه فحمله فأصابا من الثمرة فعلى من يكون العذاب. قالا : عليهما، قال : عليكم جميعاً العذاب.
قال المؤلف رضي الله عنه وأرضاه : ومن هذا الباب قول الأمم : كيف يشهد علينا من لم يدركنا إلى غير ذلك مما في معناه حسب ما يأتي.
ومنها : يوم القصاص. وفيه أحاديث كثيرة يأتي ذكرها في باب إن شاء الله تعالى.
ومنها : يوم الحاقة. وسميت بذلك لأن الأمور تحق فيها. قاله الطبري كأنه جعلها من باب : ليلي نائم كما تقدم.
وقيل : سميت حاقة لأنها كانت من غير شك. وقيل : سميت بذلك لأنها أحقت لأقوام النار.
ومنها يوم الطامة. معناها الغالبة من قولك طم الشيء إذا علا وغلب، ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء. قال الحسن : الطامة النفخة الثانية، وقيل : حين يساق أهل النار إلى النار.
ومنها : يوم الصاخة قال عكروة : الصاخة : النفخة الأولى والطامة : النفخة الثانية قال الطبري أحسبه من صخ فلان فلاناً إذا أصمه. قال ابن العربي : الصاخة التي تورث الصمم وإنها المسمعة، وهذا من بديع الفصاحة حتى لقد قال بعض أحداث الأسنان حديثي الأزمان :
أصم بك الناعي وإن كنت أسمعا
وقال آخر :
أصمني شرهم أيام فرقتهم فهل سمعتم بشر يورث الصمما
ولعمرو الله إن صيحة القيامة مسمعة تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة، وبهذا كله كان يوماً عظيماً كما قال الله تعالى في وصفه بالعظيم. وكل شيء كبر في أجزائه فهو عظيم. كذلك ما كبر في معانيه. وبهذا المعنى كان الباري عظيماً، لسعة قدرته وعلمه وكثرة ملكه الذي لا يحصى، و


الصفحة التالية
Icon