والقول الثاني : أن ﴿الجوار الكنس﴾ وهو قول ابن مسعود والنخعي أنها بقر الوحش، وقال سعيد بن جبير : هي الظباء، وعلى هذا الخنس من الخنس في الأنف وهو تقعير في الأنف فإن البقر والظباء أنوفها على هذه الصفة ﴿والكنس﴾ جمع كانس وهي التي تدخل الكناس والقول هو الأول، والدليل عليه أمران :
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧)
وهذا بالنجوم أليق منه ببقر الوحش.
الثاني : أن محل قسم الله كلما كان أعظم وأعلى رتبة كان أولى، ولا شك أن الكواكب أعلى رتبة من بقر الوحش.
الثالث : أن ( الخنس ) جمع خانس من الخنوس، وإما جمع خنساء وأخنس من الخنس خنس بالسكون والتخفيف، ولا يقال : الخنس فيه بالتشديد إلا أن يجعل الخنس في الوحشية أيضاً من الخنوس وهو اختفاؤها في الكناس إذا غابت عن الأعين.
قوله تعالى :﴿واليل إِذَا عَسْعَسَ﴾ ذكر أهل اللغة أن عسعس من الأضداد، يقال : عسعس الليل إذا أقبل، وعسعس إذا أدبر، وأنشدوا في ورودها بمعنى أدبر قول العجاج :
حتى إذا الصبح لها تنفساً.. وانجاب عنها ليلها وعسعسا
وأنشد أبو عبيدة في معنى أقبل :
مدرجات الليل لما عسعسا..
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)
ثم منهم من قال : المراد ههنا أقبل الليل، لأن على هذا التقدير يكون القسم واقعاً بإقبال الليل وهو قوله :﴿إِذَا عَسْعَسَ﴾ وبإدباره أيضاً وهو قوله :﴿والصبح إِذَا تَنَفَّسَ﴾ ومنهم من قال : بل المراد أدبر وقوله :﴿والصبح إِذَا تَنَفَّسَ﴾ أي امتد ضوءه وتكامل فقوله :﴿واليل إِذَا عَسْعَسَ﴾ [ التكوير : ١٧ ] إشارة إلى أول طلوع الصبح، وهو مثل قوله :﴿واليل إِذَا أَدْبَرَ * والصبح إِذَا أَسْفَرَ﴾ [ المدثر : ٣٤ ٣٣ ] وقوله :﴿والصبح إِذَا تَنَفَّسَ﴾ إشارة إلى تكامل طلوع الصبح فلا يكون فيه تكرار.
وأما قوله تعالى :﴿والصبح إِذَا تَنَفَّسَ﴾ أي إذا أسفر كقوله :﴿والصبح إِذَا أَسْفَرَ﴾ [ المدثر : ٣٤ ] ثم في كيفية المجاز قولان :


الصفحة التالية