وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ ﴾
أي أقسم، و "لا" زائدة، كما تقدّم.
﴿ بالخنس * الجوار الكنس ﴾ هي الكواكب الخمسة الدَّراريّ : زُحَل والمُشترِي وعُطارِد والمِرّيخُ والزُّهَرة، فيما ذكر أهل التفسير.
والله أعلم.
وهو مَرويّ عن عليّ كرم الله وجهه.
وفي تخصيصها بالذكر من بين سائر النجوم وجهان : أحدهما لأنها تَستقبل الشمس ؛ قاله بكر بن عبد الله المُزَني.
الثاني لأنها تقطع المجرّة ؛ قاله ابن عباس.
وقال الحسن وقتادة : هي النجوم التي تخنس بالنهار وإذا غربت، وقاله عليّ رضي الله عنه، قال : هي النجوم تخنِس بالنهار، وتظهر بالليل ؛ وتكنِس في وقت غروبها ؛ أي تتأخر عن البَصر لخفائها، فلا تُرَى.
وفي الصحاح : و "الخُنَّس" : الكواكب كلها.
لأنها تخنِس في المغيب، أو لأنها تخنِس نهاراً.
ويقال : هي الكواكب السيارة منها دون الثابتة.
وقال الفراء في قوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس * الجوار الكنس ﴾ : إنها النجوم الخمسة ؛ زُحل والمشترِي والمِرّيخ والزُّهَرة وعطارد ؛ لأنها تَخنِس في مجراها، وتَكْنِس، أي تستتر كما تكنِس الظباء في المغار، وهو الكناس.
ويقال : سميت خُنَّسا لتأخرها، لأنها الكواكب المتحيرة التي ترجع وتستقيم، يقال : خَنَس عنه يَخْنُس بالضم خنوساً : تأخر، وأخنسه غيره : إذا خلَّفه ومضى عنه.
والخَنَس تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة، والرجل أخنس، والمرأة خنساء، والبقر كلها خُنْس.
وقد روي عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس ﴾ هي بقر الوحش.
روي هُشَيم عن زكريا عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شُرَحبيل قال قال لي عبد الله ابن مسعود : إنكم قوم عرب فما الخنس؟ قلت : هي بقر الوحش ؛ قال : وأنا أرى ذلك.
وقاله إبراهيم وجابر بن عبد الله.
وروي عن ابن عباس : إنما أقسم الله ببقر الوحش.