به الله، ومن جور الأديان إلي عدل الرحمن، كما جاء هذا القسم المؤكد بشيء من صفات الملك الذي حمل هذا الوحي إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ( صلي الله عليه وسلم )، وعلي شيء من صفات هذا النبي الخاتم الذي تلقي الوحي من ربه، وحمله بأمانة إلي قومه، رغم معاندتهم له، وتشككهم فيه، وادعائهم الكاذب عليه ( صلي الله عليه وسلم ) تارة بالجنون ( وهو المشهود له منهم برجاحة العقل وعظيم الخلق )، وأخري بأن شيطانا يتنزل عليه بما يقول ( وهو المعروف بينهم بالصادق الأمين )، وذلك انطلاقا من خيالهم المريض الذي صور لهم أن لكل شاعر شيطانا يأتيه بالنظم الفريد، وأن لكل كاهن شيطانا يأتيه بالغيب البعيد. وقد تلقي رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) كل ذلك الكفر والجحود والاضطهاد بصبر وجلد واحتساب حتي كتب الله تعالي له الغلبة والنصر فأدي الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح البشرية، وجاهد في سبيل الله حتي أتاه اليقين.
وتختتم سورة التكوير بالتأكيد علي أن القرآن الكريم هو ذكر للعالمين وأن جحود بعض الناس له، وصدهم عنه، وإيمان البعض الآخر به وتمسكهم بهديه هي قضية شاء الله تعالي أن يتركها لاختيار الناس وفقا لارادة كل منهم، مع الايمان بأن هذه الإرادة الانسانية لا تخرج عن مشيئة الله الخالق الذي فطر الناس علي حب الايمان به، ومن عليهم بتنزل هدايته علي فترة من الرسل الذين تكاملت رسالاتهم في هذا الوحي الخاتم الذي نزل به جبريل الأمين علي قلب النبي والرسول الخاتم ( صلي الله عليه وسلم )، وأنه علي الرغم من كل ذلك فإن أحدا من الناس ـ مهما أوتي من أسباب الذكاء والفطنة ـ لا يقدر علي تحقيق الاستقامة علي منهج الله تعالي إلا بتوفيق من الله. وهذه دعوة صريحة إلي الناس كافة ليطلبوا الهداية من رب العالمين في كل وقت وفي كل حين.
والقسم بالأشياء الواردة بالسورة هو للتأكيد علي أهميتها لاستقامة أمور الكون


الصفحة التالية
Icon