واقسم اللّه "بِالْخُنَّسِ ١٥" ثم فسرها على طريق عطف البيان فقال "الْجَوارِ الْكُنَّسِ ١٦" وهي النجوم الجاريات الباديات ليلا المستترة نهارا.
شبه اللّه تعالى ظلام الليل بكناس الأسد لاجتماع الستر في كل فكأن النجوم حينما تغيب وتتأخر طيلة النهار مثل الأسد الذي يخنس في كناسه ثم يظهر وإنما أقسم فيها لما فيها من النفع للبشر وغيره، قال علي كرم اللّه وجهه هي النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد فإنها تخنس في مجاريها تحت ضوء الشمس والقمر وهي تتمة السيارات السبع الشمس والقمر وانها تجري في محورها بانتظام
لا يتغير ولا يتبدل إلى اليوم الذي نوّه به والخنس تأخر الأنف عن الشفة مع الارتفاع قليلا في الارنبة ويوصف به بقر الوحش والظباء "وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ ١٧" أقبل ظلامه وأدبر لأن عسعس من الأضداد يكون للاقبال والأدبار ومثله الصريم يطلق على الليل والصبح، والسدفة الظلمة والضياء، الجون الأسود والأبيض "وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ١٨" بدا واسفر واقبل ضوءه وقيل انه شبه الليل بالنسمة (المكروب) وهو الحيوان الصغير الذي قد لا يرى الا بالمكبرات لأنه مخزون فاذا تنفس الصبح وجد رائحته فكأنه تخلص من المخزن فعبر بالتنفس عنه فهو استعادة لطيفة وانما قال تنفس لأن في أقبال الصبح روحا ونسيما فيجعل ذلك نفسا على المجاز وجواب القسم قوله (انه) اي القرآن العظيم مطلب مكانة جبريل وقوته :
المنزل عليك يا حبيبي "لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ١٩" علينا هو جبريل عليه السلام لأنه تلقاه من ربه ونزل به على محمد صلّى اللّه عليه وسلم وهذا الرسول "ذِي قُوَّةٍ" قدرة عظيمة على ما يكلفه به ربه وله مقام عال "عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ" تعالت عظمته "مَكِينٍ ٢٠" في المنزلة والجاه مكانة ورفعة وشرفا