قال بالأبطح، قال لا يسعني، قال فبمنى، قال لا تسعني، قال بعرفات، قال لا تسعني، قال بحراء، قال ان يسعني، فواعده، فخرج النبي صلّى اللّه عليه وسلم في ذلك الوقت فاذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض فلما رآه صلّى اللّه عليه وسلم خر مغشيا عليه فتحول جبريل عن صورته وضمه إلى صدره وقال يا محمد لا تخف فكيف لو رأيت اسرافيل ورأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وان العرش لعلى كاهله، وانه ليتضائل أحيانا من مخافة اللّه جل جلاله وسما شأنه حتى يصير كأنه حصو (حيوان صغير كالعصفور) حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته وهذه الرؤية التي وقعت ليلة الاسراء غير التي اخبر اللّه عنها في هذه السورة بل التي ذكرها في بحث نزول الوحي وانما أتى بها هنا تأييدا لرؤيته الأولى التي أتت عليه من غير طلب منه ورجع يرجف بها فؤاده من شدة ما لحقه من الخوف كما تقدم مفصلا قال تعالى "وَما هُوَ" اي رسولكم محمد "عَلَى الْغَيْبِ" مما يخبر به من ت (٩)
الوحي واخبار السماء وما اطلع عليه مما كان غائبا في علمه لوحينا اليه "بضّنين" بخيل لا يبوح به إليكم وقرىء بظنين بالظاء، أي ليس بمثلهم لأنه أمين أرسل مبلغا ما يوحى اليه من ربه إلى البشر كما تلقاه، اي انه لا يتهم بالبخل لأنه لا يريد أجرا على ما يبلغه كالكاهن ولا يظن به انه يزيد او ينقص من الوحي وأنتم تسمونه الأمين فإذا كان أمينا على ما عندكم أفلا يكون أمينا على ما عند اللّه ؟


الصفحة التالية
Icon