وقيل سيرُها تحوّلها عن منزلة الحجارة، فتكون كثيباً مَهِيلا، أي رملاً سائلاً، وتكون كالعِهن، وتكون هباء منثوراً، وتكون سَراباً، مثل السراب الذي ليس بشيء.
وعادت الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أَمتا.
وقد تقدم في غير موضع والحمد لله.
﴿ وَإِذَا العشار عُطِّلَتْ ﴾ أي النوق الحوامل التي في بطونها أولادها ؛ الواحدة عُشَراء، أو التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، وبعد ما تضع أيضاً.
ومن عادة العرب أن يسمُّوا الشيء باسمه المتقدّم وإن كان قد جاوز ذلك ؛ يقول الرجل لفرسه وقد قَرِح : هاتوا مُهْري، يسميه بمتقدّم اسمه ؛ قال عنترة :
لا تذكرِي مُهْرِي وما أطمعتُه...
فيكونَ جِلدُكِ مثلَ جِلدِ الأَجرب
وقال أيضاً :
وحَمَلْتُ مُهرِي وسْطَها فمضاها...
وإنما خص العِشار بالذكر، لأنها أعز ما تكون على العرب، وليس يُعَطلها أهلها إلا حال القيامة.
وهذا على وجه المثل ؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عُشَرَاءَ، ولكن أراد به المثل ؛ أن هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عُشَراءُ لعطَّلها واشتغل بنفسه، وقيل : إنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضهم بعضاً، ورأوا الوُحوش والدوابّ محشورة، وفيها عِشارهم التي كانت أنفس أموالهم، لم يعبئوا بها، ولم يهمَّهم أمرُها.
وخُوطبت العرب بأمر العِشار ؛ لأن ما لها وعيشها أكثره من الإبل.
وروَي الضحاك عن ابن عباس : عُطِّلت : عَطَّلها أهلها، لاشتغالهم بأنفسهم.
وقال الأعشى :
هو الواهِبُ المائةَ المصطفا...
ةَ إما مَخاضاً وإما عِشارَا
وقال آخر :
ترى المرءَ مهجوراً إذا قلَّ مالهُ...
وبيتُ الغِنى يُهْدَى له ويُزارُ
وما ينفعُ الزوّارَ مالُ مَزُورِهِم...
إذا سَرَحَتْ شَوْلٌ له وعِشارُ
يقال : ناقة عُشَراء، وناقتان عُشَراوان، ونوق عِشارٌ وعُشَراوات، يبدلون من همزة التأنيث واواً.


الصفحة التالية
Icon