ثم أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه بما بعد هذا، وقد بَيَّنَّا هذا في سورة [ الإنسان : ٣٠ ] قال أبو هريرة : لما نزلت ﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم ﴾ قالوا : الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فنزل قوله تعالى :﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ﴾ وقيل : القائل لذلك أبو جهل.
وقرأ أبو بكر الصديق، وأبو المتوكل، وأبو عمران :"وما يشاؤون" بالياء.
فصل
وقد زعم بعض ناقلي التفسير أن قوله تعالى ﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم ﴾ وقوله تعالى في [ عبس : ١٢ ] ﴿ فمن شاء ذكره ﴾ وقوله تعالى في سورة [ الإنسان : ٢٩ ] وفي سورة [ المزمل : ١٨ ] ﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ كله منسوخ بقوله تعالى ﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ﴾ ولا أرى هذا القول صحيحاً، لأنه لو جاز وقوع مشيئتهم مع عدم مشيئته توجَّه النسخ.
فأما إذ أخبر أن مشيئتهم لا تقع إلا بعد مشيئته، فليس للنسخ وجه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٩ صـ ٣٧ ـ ٤٥﴾