الفجار في جميع الأوقات، وإلا لم يحصل مقصودهم، ودليلنا يكفي في صحته تناوله لبعض الفجار في بعض الأوقات، فدليلهم لا بد وأن يكون عاماً، ودليلنا لا بد وأن يكون خاصاً والخاص مقدم على العام، والله أعلم.
المسألة الثانية :
فيه تهديد عظيم للعصاة حكي أن سليمان بن عبد الملك مر بالمدينة وهو يريد مكة، فقال لأبي حازم : كيف القدوم على الله غداً ؟ قال : أما المحسن فكالغائب يقدم من سفره على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه، قال : فبكى، ثم قال : ليت شعري ما لنا عند الله! فقال أبو حازم : أعرض عملك على كتاب الله، قال : في أي مكان من كتاب الله ؟ قال :﴿إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ﴾ وقال جعفر الصادق عليه السلام : النعيم المعرفة والمشاهدة، والجحيم ظلمات الشهوات وقال بعضهم : النعيم القناعة، والجحيم الطمع، وقيل : النعيم التوكل، والجحيم الحرص، وقيل : النعيم الاشتغال بالله، والجحيم الاشتغال بغير الله تعالى.
النوع الرابع : من تفاريع الحشر تعظيم يوم القيامة، وهو قوله تعالى :
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
اختلفوا في الخطاب في قوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ فقال بعضهم : هو خطاب للكافر على وجه الزجر له، وقال الأكثرون : إنه خطاب للرسول، وإنما خاطبه بذلك لأنه ما كان عالماً بذلك قبل الوحي.
المسألة الثانية :
الجمهور على أن التكرير في قوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين﴾ لتعظيم ذلك اليوم، وقال الجبائي : بل هو لفائدة مجددة، إذ المراد بالأول أهل النار، والمراد بالثاني أهل الجنة، كأنه قال : وما أدراك ما يعامل به الفجار في يوم الدين ؟ ثم ما أدراك ما يعامل به الأبرار في يوم الدين ؟ وكرر يوم الدين تعظيماً لما يفعله تعالى من الأمرين بهذين الفريقين.
المسألة الثالثة :