وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) ﴾
هذه أوصاف يوم القيامة، و" انفطار السماء " : تشققها على غير نظام مقصود إنما هو انشقاق لتزول بنيتها وانتثار الكواكب سقوطها من مواضعها التي هي فيها كنظام، و" تفجير البحار " : يحتمل أن يكون من امتلائها فتفجر من أعاليها وتفيض على ما وليها، ويحتمل أن يكون تفجير تفريع، ويحتمل أن يكون فيضانها، فيذهب الله ماءها حيث شاء، وقيل : فجر بعضها إلى بعض فاختلط العذب بالملح وصارت واحداً، وهذا نحو الاختلاف في ﴿ سجرت ﴾ [ التكوير : ٦ ] في السورة التي قبل، وقرأ مجاهد والربيع بن خيثم :" فجِرت " بتخفيف الجيم، و" بعثرة القبور " : نبشها عن الموتى الذين فيها، وقوله تعالى :﴿ علمت نفس ﴾ هو جواب ﴿ إذا ﴾، و﴿ نفس ﴾ هنا اسم الجنس وإفرادها لتبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها إلا من رحم الله تعالى، وقال كثير من المفسرين في معنى قوله تعالى :﴿ ما قدمت وأخرت ﴾ إنها عبارة عن جميع الأعمال لأن هذا التقسيم يعم الطاعات المعمولة والمتروكة وكذلك المعاصي. وقال ابن عباس والقرظي محمد بن كعب :﴿ ما قدمت ﴾ في حياتها وما ﴿ أخرت ﴾ مما سنته فعمل به بعد موتها، ثم خاطب تعالى جنس ابن آدم على جهة التوبيخ والتنبيه على أي شيء أوجب أن يغتر بربه الكريم فيعصيه ويجعل له نداً وغير ذلك من أنواع الكفر وهو الخالق الموجد بعد العدم، وروي أن النبي ﷺ قرأ :" جهله " وقاله عمر وقرأ ﴿ انه كان ظلوماً جهولاً ﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ]، وقال قتادة : عدوه المسلط عليه، وقال بعض العلماء : غره ستر الله عليه، وقال غيره : غره كرم الله، ولفظة الكريم تلقن هذا الجواب، فهذا من لطف الله تعالى لعباده العصاة من المؤمنين، وقرأ ابن جبير والأعمش :" ما أغرك " على وزن أفعلك، والمعنى ما عاك إلى الاغترار أن يكون المعنى تعجباً محضاً، وقرأ الجمهور :" فعدّلك " بتشديد الدال، وكان ﷺ : إذا نظر إلى


الصفحة التالية
Icon