ووصفهم سبحانه بأنهم كرام لديه يكتبون ما يأمرهم به من أعمال العباد، وجملة :﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ في محل نصب على الحال من ضمير كاتبين، أو على النعت، أو مستأنفة.
قال الرازي : والمعنى التعجيب من حالهم كأنه قال : إنكم تكذبون بيوم الدين، وملائكة الله موكلون بكم يكتبون أعمالكم حتى تحاسبوا بها يوم القيامة، ونظيره قوله تعالى :﴿ عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾
[ ق : ١٧، ١٨ ].
ثم بيّن سبحانه حال الفريقين فقال :﴿ إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ * وَإِنَّ الفجار لَفِى جَحِيمٍ ﴾ والجملة مستأنفة لتقرير هذا المعنى الذي سيقت له، وهي كقوله سبحانه :﴿ فَرِيقٌ فِى الجنة وَفَرِيقٌ فِى السعير ﴾ [ الشورى : ٧ ] وقوله :﴿ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين ﴾ صفة ل ﴿ جحيم ﴾ ؛ ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من الضمير في متعلق الجارّ، والمجرور، أو مستأنفة جواب سؤال مقدّر، كأنه قيل ما حالهم؟ فقيل :﴿ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين ﴾ أي : يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به، ومعنى ﴿ يصلونها ﴾ : أنهم يلزمونها مقاسين لوهجها، وحرّها يومئذ.
قرأ الجمهور ﴿ يصلونها ﴾ مخففاً مبنياً للفاعل، وقرىء بالتشديد مبنياً للمفعول.
﴿ وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾ أي : لا يفارقونها أبداً، ولا يغيبون عنها، بل هم فيها، وقيل : المعنى : وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون حرّها في قبورهم.