وقيل : في صورة أب، في صورة عم، في صورة بعض القرابات تشبيها.
ومن قرأ بالتشديد، فإنه أراد والله أعلم- : جعلك معتدلاً، معدَّل الخلقة.
وقال غيره : عدَّل أعضاءك فلم تفضل يد على يد، ولا رِجل على رجل، وعدل بك أن يجعلك حيواناً بهيماً.
قوله تعالى :﴿ في أي صورة ما شاء ركَّبك ﴾ قال الزجاج : يجوز أن تكون "ما" زائدة.
ويجوز أن تكون بمعنى الشرط والجزاء، فيكون المعنى : في أي صورة ما شاء أن يركِّبك فيها ركبك.
وفي معنى الآية أربعة أقوال.
أحدها : في أي صورة من صور القرابات ركَّبك، وهو معنى قول مجاهد.
والثاني : في أي صورة، من حسن، أو قبح، أو طول، أو قصر، أو ذَكَر، أو أنثى، وهو معنى قول الفراء.
والثالث : إن شاء أن يركِّبك في غير صورة الإنسان ركبك، قاله مقاتل.
وقال عكرمة : إن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير.
والرابع : إن شاء في صورة إنسان بأفعال الخير.
وإن شاء في صورة حمار بالبلادة والبله، وإن شاء في صورة كلب بالبخل، أو خنزير بالشره، ذكره الثعلبي.
قوله تعالى :﴿ بل تكذِّبون بالدِّين ﴾ وقرأ أبو جعفر "بالياء" أي : بالجزاء والحساب، تزعمون أنه غير كائن.
ثم أعلمهم أن أعمالهم محفوظة، فقال تعالى ﴿ وإن عليكم لحافظين ﴾ أي : من الملائكة يحفظون عليكم أعمالكم ﴿ كراماً ﴾ على ربِّهم ﴿ كاتبين ﴾ يكتبون أعمالكم ﴿ يعلمون ما تفعلون ﴾ من خير وشر، فيكتبونه عليكم.
قوله تعالى :﴿ إن الأبرار لفي نعيم ﴾ وذلك في الآخرة إذا دخلوا الجنة ﴿ وإن الفجار ﴾ وفيهم قولان.
أحدهما : أنهم المشركون.
والثاني : الظَّلَمة.
ونقل عن سليمان بن عبد الملك أنه قال لأبي حازم : يا ليت شعري ما لنا عند الله؟ فقال له : اعرض عملك على كتاب الله، فإنك تعلم ما لك عنده، فقال : وأين أجده؟ قال : عند قوله تعالى :﴿ إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم ﴾ قال سليمان : فأين رحمة الله؟ قال : قريب من المحسنين.