وقال النسفى :
سورة الانفطار
مكية وهي تسع عشرة آية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ إِذَا السماء انفطرت ﴾
انشقت ﴿ وَإِذَا الكواكب انتثرت ﴾ تساقطت ﴿ وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ ﴾ فتح بعضها إلى بعض وصارت البحار بحراً واحداً ﴿ وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ ﴾ بحثت وأخرج موتاها وجواب "إذا" ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ﴾ أي كل نفس برة وفاجرة ﴿ مَّا قَدَّمَتْ ﴾ ما عملت من طاعة ﴿ وَأَخَّرَتْ ﴾ وتركت فلم تعمل أو ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث ﴿ يا أيّها الإنسان ﴾ قيل : الخطاب لمنكري البعث ﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم * الذى خَلَقَكَ ﴾ أي شيء خدعك حتى ضيعت ما وجب عليك مع كرم ربك حيث أنعم عليك بالخلق والتسوية والتعديل؟ وعنه عليه السلام حين تلاها غره جهله.
وعن عمر رضي الله عنه : غره حمقه.
وعن الحسن : غره شيطانه.
وعن الفضيل : لو خوطبت أقول غرتني ستورك المرخاة.
وعن يحيى بن معاذ أقول : غرني برك بي سالفاً وآنفاً ﴿ فَسَوَّاكَ ﴾ فجعلك مستوي الخلق سالم الأعضاء ﴿ فَعَدَلَكَ ﴾ فصيّرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول، ولا إحدى العينين أوسع، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود، أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائماً لا كالبهائم.
وبالتخفيف : كوفي وهو بمعنى المشدد أي عدّل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت فكنت معتدل الخلقة متناسباً ﴿ فِى أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ "ما" مزيد للتوكيد أي ركبك في أي صورة اقتضتها مشيئته من الصور المختلفة في الحسن والقبح والطول والقصر، ولم تعطف هذه الجملة كما عطف ما قبلها لأنها بيان ل ﴿ عدلك ﴾ والجار يتعلق ب ﴿ رَكَّبَكَ ﴾ على معنى وضعك في بعض الصور ومكنك فيها، أو بمحذوف أي ركبك حاصلاً في بعض الصور.


الصفحة التالية
Icon