اعلم أنه سبحانه لما أخبر في الآية الأولى عن وقوع الحشر والنشر ذكر في هذه الآية ما يدل عقلاً على إمكانه أو على وقوعه، وذلك من وجهين الأول : أن الإله الكريم الذي لا يجوز من كرمه أن يقطع موائد نعمه عن المذنبين، كيف يجوز في كرمه أن لا ينتقم للمظلوم من الظالم ؟ الثاني : أن القادر الذي خلق هذه البنية الإنسانية ثم سواها وعدلها، إما أن يقال : إنه خلقها لا لحكمة أو لحكمة، فإن خلقها لا لحكمة كان ذلك عبثاً، وهو غير جائز على الحكيم، وإن خلقها لحكمة، فتلك الحكمة، إما أن تكون عائدة إلى الله تعالى أو إلى العبد، والأول باطل لأنه سبحانه متعال عن الاستكمال والانتفاع.
فتعين الثاني، وهو أنه خلق الخلق لحكمة عائدة إلى العبد، وتلك الحكمة إما أن تظهر في الدنيا أو في دار سوى الدنيا.


الصفحة التالية
Icon