البحث الثاني : قرأ الكوفيون فعدلك بالتخفيف، وفيه وجوه أحدها : قال أبو علي الفارسي : أن يكون المعنى عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت والثاني : قال الفراء :﴿فَعَدَلَكَ﴾ أي فصرفك إلى أي صورة شاء، ثم قال : والتشديد أحسن الوجهين لأنك تقول : عدلتك إلى كذا كما تقول صرفتك إلى كذا، ولا يحسن عدلتك فيه ولا صرفتك فيه، ففي القراءة الأولى جعل في من قوله :﴿في أي صُورَةٍ﴾ صلة للتركيب، وهو حسن، وفي القراءة الثانية جعله صلة لقوله :﴿فَعَدَلَكَ﴾ وهو ضعيف، واعلم أن اعتراض القراء إنما يتوجه على هذا الوجه الثاني، فأما على الوجه الأول الذي ذكره أبو علي الفارسي فغير متوجه والثالث : نقل القفال عن بعضهم أنهما لغتان بمعنى واحد، أما قوله :﴿في أي صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ﴾ ففيه مباحث الأول : ما هل هي مزيدة أم لا ؟ فيه قولان : الأول : أنها ليست مزيدة، بل هي في معنى الشرط والجزاء فيكون المعنى في أي صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك، وبناء على هذا الوجه، قال أبو صالح ومقاتل : المعنى إن شاء ركبك في غير صورة الإنسان من صورة كلب أو صورة حمار أو خنزير أو قرد والقول الثاني : أنها صلة مؤكدة والمعنى في أي صورة تقتضيها مشيئته وحكمته من الصور المختلفة، فإنه سبحانه يركبك على مثلها، وعلى هذا القول تحتمل الآية وجوهاً أحدها : أن المراد من الصور المختلفة شبه الأب والأم، أو أقارب الأب أو أقارب الأم، ويكون المعنى أنه سبحانه يركبك على مثل صور هؤلاء ويدل على صحة هذا ما روى أنه عليه السلام قال في هذا الآية :