" إذا استقرت النطفة في الرحم، أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم "، والثاني : وهو الذي ذكره الفراء والزجاج أن المراد من الصور المختلفة الاختلاف بحسب الطول والقصر والحسن والقبح والذكورة والأنوثة، ودلالة هذه الحالة على الصانع القادر في غاية الظهور، لأن النطفة جسم متشابه الأجزاء وتأثير طبع الأبوين فيه على السوية، فالفاعل المؤثر بالطبيعة في القابل المتشابه لا يفعل إلا فعلاً واحداً، فلما اختلفت الآثار والصفات دل ذلك الاختلاف على أن المدبر هو القادر المختار، قال القفال : اختلاف الخلق والألوان كاختلاف الأحوال في الغنى والفقر والصحة والسقم، فكما أنا نقطع أنه سبحانه إنما ميز البعض عن البعض في الغنى والفقر، وطول العمر وقصره، بحكمة بالغة لا يحيط بكنهها إلا هو، فكذلك نعلم أنه إنما جعل البعض مخالفاً للبعض، في الخلق والألوان بحكمة بالغة، وذلك لأن بسبب هذا الاختلاف يتميز المحسن عن المسيء والقريب عن الأجنبي، ثم قال : ونحن نشهد شهادة لا شك فيها أنه سبحانه لم يفرق بين المناظر والهيئات إلا لما علم من صلاح عباده فيه وإن كنا جاهلين بعين الصلاح القول الثالث : قال الواسطي : المراد صورة المطيعين والعصاة فليس من ركبه على صورة الولاية كمن ركبه على صورة العداوة، قال آخرون : إنه إشارة إلى صفاء الأرواج وظلمتها، وقال الحسن : منهم من صوره ليستخلصه لنفسه، ومنهم من صوره ليشغله بغيره مثال الأول : أنه خلق آدم ليخصه بألطاف بره وإعلاء قدره وأظهر روحه من بين جماله وجلاله، وتوجه بتاج الكرامة وزينه برداء الجلال والهيبة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣١ صـ ٧٠ ـ ٧٥﴾


الصفحة التالية
Icon