وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِذَا السمآء انفطرت ﴾
أي تشققت بأمر الله ؛ لنزول الملائكة ؛ كقوله :﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً ﴾ [ الفرقان : ٢٥ ].
وقيل : تفطَّرت لهيبة الله تعالى.
والفَطْر : الشَّقُّ ؛ يقال : فطرته فانفطر، ومنه فَطر ناب البعير : طلع، فهو بعير فاطر، وتفطَّر الشيء : شقَّق، وسيفُ فُطار أي فيهُ شقوق ؛ قال عنترة :
وسيفي كالعقِيقةِ وهو كِمعِي...
سِلاحِي لا أَفلَّ ولا فُطَارا
وقد تقدّم في غير موضع.
﴿ وَإِذَا الكواكب انتثرت ﴾ أي تساقطت ؛ نثرتْ الشيء أنثره نثراً، فانتثر، والاسم النِّثار.
والنُّثار بالضم : ما تناثر من الشيء، ودُرّ مُنثَّر، شدد لكثرة.
﴿ وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ ﴾ أي فجر بعضها في بعض، فصارت بحراً واحداً، على ما تقدّم.
قال الحسن : فُجِّرت : ذهب ماؤها ويبِست ؛ وذلك أنها أوّلا راكدة مجتمعة، فإذا فُجِّرت تفرّقت، فذهب ماؤها.
وهذه الأشياء بين يدي الساعة، على ما تقدّم في ﴿ إِذَا الشمس كُوِّرَتْ ﴾.
﴿ وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ ﴾ أي قُلِبت وأخرج ما فيها من أهلها أحياء ؛ يقال : بعثرت المتاع : قلبته ظهراً لبطن، وبعثرت الحوض وبحثرته : إذا هدمته وجعلت أسفله أعلاه.
وقال قوم منهم الفرّاء :"بعثِرت" : أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة.
وذلك من أشراط الساعة : أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها.
﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ مثل :﴿ ينبأُ الإنسان يومئذ بما قدم وأَخر ﴾ [ القيامة : ١٣ ] وتقدّم.
وهذا جواب "إذا السماء أنفطرت" لأنه قَسَم في قول الحسن وقع على قوله تعالى :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ﴾ يقول : إذا بدت هذه الأمور من أشراط الساعة ختمت الأعمال فعلمت كل نفس ما كسبت، فإنها لا ينفعها عمل بعد ذلك.