وقيل : أي إذا كانت هذه الأشياء قامت القيامة، فحوسبت كل نفس بما عملت، وأوتيت كتابها بيمينها أو بشمالها، فتذكرت عند قراءته جميع أعمالها.
وقيل : هو خبر، وليس بقسم، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ يا أيها الإنسان ﴾
خاطب بهذا منكري البعث.
وقال ابن عباس : الإنسان هنا : الوليد بن المغيرة.
وقال عكرمة : أبيّ بن خلف.
وقيل : نزلت في أبي الأشدّ بن كَلَدة الجُمَحِيّ.
عن ابن عباس أيضاً :" ما غرك بربك الكريم " أي ما الذي غرك حتى كفرت؟ "بربك الكريم" أي المتجاوز عنك.
قال قتادة : غره شيطانه المسلَّط عليه.
الحسن : غره شيطانه الخبيث.
وقيل : حمقه وجهله.
رواه الحسن عن عمر رضي الله عنه.
وروى غالب الحنفي قال :" لما قرأ رسول الله ﷺ ﴿ يا أيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم ﴾ قال :"غره الجهل" " وقال صالح بن مسمار : بلغنا " أن رسول الله ﷺ قرأ "ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم"؟ فقال :"غره جهلُه" " وقال عمر رضي الله عنه : كما قال الله تعالى ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ].
وقيل : غره عفو الله، إذ لم يعاقبه في أوّل مرة.
قال إبراهيم بن الأشعث : قيل للفُضَيل ابن عياض : لو أقامك الله تعالى يوم القيامة بين يديه، فقال لك :﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم ﴾ [ الانفطار : ٦ ] ؟ ماذا كنت تقول؟ قال : كنت أقول غَرَّني سُتُورك المرخاة، لأن الكريم هو الستَّار.
نظمه ابن السَّماك فقال :
يا كاتمَ الذنب أما تستحي...
واللَّهُ في الخُلْوة ثانيكَا
غَرَّكَ من ربك إمهالُهُ...
وسَتْرُه طولَ مَساويكَا
وقال ذو النون المصريّ : كم من مغرور تحت السَّتْر وهو لا يشعر.
وأنشد أبو بكر بن طاهر الأبهري :
يا من غلا في العُجْب والتيهِ...
وغره طولُ تماديهِ
أَمْلَى لك الله فبارزته...
ولم تخف غِبّ مَعاصيهِ


الصفحة التالية
Icon