وموضع الرئتين والقلب وموضع الدماغ والنخاع.
وخلق الله جسد الإِنسان مقسمةً أعضاؤه وجوارحه على جهتين لا تفاوت بين جهة وأخرى منهما وجعل في كل جهة مثل ما في الأخرى من الأوردة والأعصاب والشرايين.
وفرع فعل "سواك" على ﴿ خلقك ﴾ وفِعل "عدَّلك" على "سوّاك" تفريعاً في الذكر نظراً إلى كون معانيها مترتبة في اعتبار المعتبر وإن كان جميعاً حاصلاً في وقت واحد إذ هي أطوار التكوين من حين كونه مضغة إلى تمام خلقه فكان للفاء في عطفها أحسن وقع كما في قوله تعالى:
﴿ الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ﴾ [ الأعلى : ٢، ٣ ].
وقرأ الجمهور :﴿ فعدَّلك ﴾ بتشديد الدال.
وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلف بتخفيف الدال، وهما متقاربان إلا أن التشديد يدل على المبالغة في العدل، أي التسوية فيفيد إتقان الصنع.
وقوله :﴿ في أي صورة ﴾ اعلم أن أصل ﴿ أي ﴾ أنها للاستفهام عن تمييز شيء عن مشاركيه في حاله كما تقدم في قوله تعالى :﴿ من أي شيء خلقه ﴾ في سورة عبس ( ١٨ ) وقوله تعالى :﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ [ الأعراف : ١٨٥ ].
والاستفهام بها كثيراً ما يراد به الكناية عن التعجب أو التعجيب من شأن ما أضيفت إليه ﴿ أيّ ﴾ لأن الشيء إذا بلغ من الكمال والعظمة مبلغاً قوياً يُتساءل عنه ويُستفهم عن شأنه، ومن هنا نشأ معنى دلالة ﴿ أيّ ﴾ على الكمال، وإنما تحقيقه أنه معنى كنائي كثر استعماله في كلامهم، وإنما هي الاستفهامية، و ﴿ أيّ ﴾ هذه تقع في المعنى وصفاً لنكرة إمّا نعتاً نحو : هو رجل أيُّ رجل، وإما مضافة إلى نكرة كما في هذه الآية، فيجوز أن يتعلق قوله :﴿ في أي صورة ﴾ بأفعال خلقَك، فسوَّاك، فعدَّلك" فيكون الوقف على ﴿ في أي صورة ﴾.
ويجوز أن يتعلق بقوله ﴿ ركبك ﴾ فيكون الوقف على قوله ﴿ فعدلك ﴾ ويكون قوله ﴿ ما شاء ﴾ معترضاً بين ﴿ في أي صورة ﴾ وبين ﴿ ركَبَّك ﴾.
والمعنى على الوجهين : في صورة أيّ صورة، أي في صورة كاملة بديعة.


الصفحة التالية
Icon