وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين ﴾
يجوز أن تكون "كَلاَّ" بمعنى حقًّا و "ألاَ" فيبتدأ بها.
ويجوز أن تكون بمعنى "لا"، على أن يكون المعنى ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله محقُّون.
يدل على ذلك قوله تعالى :﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم ﴾ وكذلك يقول الفراء : يصير المعنى : ليس كما غُررت به.
وقيل : أي ليس الأمر كما تقولون، من أنه لا بعث.
وقيل : هو بمعنى الردع والزجر.
أي لا تغتروا بحلم الله وكرمه، فتتركوا التفكر في آياته.
ابن الأنباريّ : الوقف الجيّد على "الدينِ"، وعلى "ركبك"، والوقف على "كَلاّ" قبيح.
﴿ بَلْ تُكَذِّبُونَ ﴾ يأهل مكة ﴿ بالدين ﴾ أي بالحساب، و "بل" لنفي شيء تقدم وتحقيق غيره.
وإنكارهم للبعث كان معلوماً، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾
أي رُقباء من الملائكة ﴿ كِرَاماً ﴾ أي عليّ ؛ كقوله :﴿ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ وهنا ثلاث مسائل :
الأولى رُوِي عن رسول الله ﷺ :" أكرمُوا الكرامَ الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين : الخِرَاءة أو الجماع، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم ( حائط ) أو بغيره، أو ليستره أخوه " ورُوي عن عليّ رضي الله عنه قال : لا يزال المَلكَ مولياً عن العبد ما دام باديَ العورة.
ورُوِي.
" إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئِزر لعنه ملكاه ".
الثانية واختلف الناس في الكُفّار هل عليهم حفَظَة أم لا؟ فقال بعضهم : لا ؛ لأن أمرهم ظاهر، وعملهم واحد ؛ قال الله تعالى :﴿ يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ ﴾ [ الرحمن : ٤١ ].
وقيل : بل عليهم حفظة ؛ لقوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon