قرىء ﴿يَوْمٍ﴾ بالنصب والجر، أما النصب فقال الزجاج : يوم منصوب بقوله ﴿مَّبْعُوثُونَ﴾ والمعنى ألا يظنون أنهم يبعثون يوم القيامة، وقال الفراء : وقد يكون في موضع خفض إلا أنه أضيف إلى يفعل فنصب، وهذا كما ذكرنا في قوله :﴿يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ﴾ وأما الجر فلكونه بدلاً من ﴿يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾.
المسألة الثانية :
هذا القيام له صفات :
الصفة الأولى : سببه وفيه وجوه أحدها : وهو الأصح أن الناس يقومون لمحاسبة رب العالمين، فيظهر هناك هذا التطفيف الذي يظن أنه حقير، فيعرف هناك كثرته واجتماعه، ويقرب منه قوله تعالى :﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ﴾ [ الرحمن : ٤٦ ] وثانيها : أنه سبحانه يرد الأرواح إلى أجسادها فتقوم تلك الأجساد من مراقدها، فذاك هو المراد من قوله :﴿يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ وثالثها : قال أبو مسلم معنى :﴿يَقُومُ الناس﴾ هو كقوله :﴿وَقُومُواْ لِلَّهِ قانتين﴾ [ البقرة : ٢٣٨ ] أي لعبادته فقوله :﴿يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ أي لمحض أمره وطعته لا لشيء آخر، على ما قرره في قوله :﴿والامر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾.
الصفة الثانية : كيفية ذلك القيام، روي عن ابن عمر عن النبي ﷺ في قوله :﴿يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ قال :" يقوم أحدكم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " وعن ابن عمر : أنه قرأ هذه السورة، فلما بلغ قوله ﴿يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ بكى نحيباً حتى عجز عن قراءة ما بعده".
الصفة الثالثة : كمية ذلك القيام، روى عنه عليه السلام أنه قال :" يقوم الناس مقدار ثلثمائة سنة من الدنيا لا يؤمر فيهم بأمر " وعن ابن مسعود :" يمكثون أربعين عاماً ثم يخاطبون " وقال ابن عباس : وهو في حق المؤمنين كقدر انصرافهم من الصلاة.