وقال الفراء :
سورة ( المطففين )
﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾
قوله عز وجل: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ...﴾.
نزلت أول قدوم النبى صلى الله عليه إلى المدينة، فكأن أهلها إذا ابْتاعوا كَيْلاً أو وزناً استوفَوْا وأفرطوا. وإذا باعوا كيلا أو وزناً نقَصُوا ؛ فنزلت ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ فانتهَوْا، فهم أوفى الناس كيْلاً إلى يومهم هذا.
[قال] قال الفراء: ذُكِرَ أن "ويل" وادٍ فى جهنم، والويل الذى نعرف.
﴿ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ...﴾.
يريد: اكتالوا من الناس، وهما تعتقبان: عَلَى ومِن ـ فى هذا الموضع ؛ لأنه حقّ عليه ؛ فإذا قال: اكتلتُ عليك، فكأنه قال: أخذتُ ما عليك، وإذا قال: اكتلت منك، فهو كذلك: استوفيت منك.
﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ...﴾.
الهاء فى موضع نصب، تقول: قد كِلتك طعاما كثيرا، وكِلتنى مثله. تريد: كِلتَ لى، وكِلتُ لك، وسُمِعَت أعرابية تقول: إذا صَدَرَ الناس أتينا التاجر، فيكيلنا المُدَّ والمُدَّين إلى الموسم المقبل، فهذا شاهد، وهو من كلام أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس.
﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ...﴾.
هو تفسير اليوم المخفوض لمّا ألقى اللام من الثانى ردّه إلى "مبعوثونَ، يومَ يقومُ النّاسُ" فلو خفضت يومَ بالرَّد على اليوم الأوَّلِ كان صوابا.
وقد تكونُ فى موضع خفض إلاَّ أنها أضيفت إلى يفعلُ، فنصبت إذ أضيفت إلى غير محضٍ، ولو رفع على ذلك ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ كما قال الشاعر:
فَكُنْتُ كذى رِجْلين: رجلٌ صحيحةٌ * وأخرى رمَى فيها الزَّمانُ فَشَلَّتِ
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِِجِّينٌ...﴾.