وروي : أن الملائكة تصعد بعمل العبد فيستقبلِّونهُ فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم : إنكم الحفَظَة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه أخلص لي عمله، فاجعلوه في عليين، فقد غفرت له، وإنها لتصعد بعمل العبد، فيتركونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم : أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سِجِّين.
قوله تعالى :﴿ يَشْهَدُهُ المقربون ﴾ أي يشهد عمل الأبرار مقربو كل سماء من الملائكة.
وقال وهب وابن إسحاق : المقربون هنا إسرافيل عليه السلام، فإذا عمل المؤمن عمل البر، صَعِدت الملائكة بالصحيفة وله نور يتلألأ في السموات كنور الشمس في الأرض، حتى ينتهي بها إلى إسرافيل، فيختم عليها ويكتب فهو قوله :"يشهده المقربون" أي يشهد كتابتهم.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الأبرار ﴾
أي أهل الصدق والطاعة.
﴿ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ أي نَعْمة، والنَّعمة بالفتح : التنعيم ؛ يقال : نَعَّمه الله وناعمه فتنعم، وامرأة منعَّمة ومناعَمة بمعنى.
أي إن الأبرار في الجنات يتنعمون.
﴿ عَلَى الأرآئك ﴾ وهي الأسرة في الحجِال ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ أي إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامات ؛ قاله عكرمة وابن عباس ومجاهد.
وقال مقاتل : ينظُرون إلى أهل النار.
وعن النبيّ ﷺ :" ينظرون إلى أعدائهم في النار " ذكره المَهْدَوِيّ.
وقيل : على أرائك أفضاله ينظرون إلى وجهه وجلاله.
قوله تعالى :﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم ﴾ أي بهجته وغضارته ونوره ؛ يقال : نضر النبات : إذا ازهر ونوّر.
وقراءة العامة "تعرِفُ" بفتح التاء وكسر الراء "نَضْرةَ" نصباً ؛ أي تعرف يا محمد.
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق :"تُعْرَف" بضم التاء وفتح الراء على الفعل المجهول "نضرة" رفعاً.
﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ ﴾ أي من شراب لا غِش فيه.