قال تعالى "أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ" المطففون "أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ" ٤ من قبورهم محشورون مساقون "لِيَوْمٍ عَظِيمٍ" ٥ ألا يتحققون نشرهم من قبورهم فيه ألا يعلمون عظم ذلك اليوم وهوله، وأدخلت هزة الاستفهام على لا النافية للتوبيخ، لأنها ليست للتنبيه بل للإنكار والتعجب من سوء حالهم وجرأتهم على التطفيف الذميم وعدم خوفهم "يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ" في الموقف للحساب ويعرضون "لِرَبِّ الْعالَمِينَ" ٦ فيتمثلون أمامه فيحاسبهم على النقير والفتيل والقطمير.
روى البخاري ومسلم عن نافع عن ابن عمر أنه تلا هذه قال يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
وروى البغوي عن المقداد قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول تدنو الشمس من رءوس الخلائق يوم القيامة حتى تكون منهم كمقدار ميل.
زاد الترمذي أو ميلين.
قال سليم بن عامر واللّه ما أدري ما يعني بالميل مسافة الأرض أو ما يكتحل به العين.
قال يكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبه، ومنهم من يكون إلى ركبته، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق الجاما، وأشار صلّى اللّه عليه وسلم إلى فيه.
وروى الحاكم وصححه والطبراني وغيرهما عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال خمس بخمس قيل يا رسول اللّه ما خمس بخمس ؟ قال ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، وما طفقوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا
بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر.
ورواه غيره مرفوعا.
وقال عكرمة أشهد أن كل كيال ووزان في النار، فقيل له إن ابنك كيال ووزان، فقال أشهد أنه في النار وكأنه رحمه اللّه أراد المبالغة لما علم أن الغالب فيهم التطفيف، ومن هذا ما روي عن أبي ذر رضي اللّه عنه لا تلتمسوا الحوائج ممن رزقه في رءوس المكاييل وألسنة الموازين.


الصفحة التالية
Icon