وقال صلّى اللّه عليه وسلم اتخذوا عند الفقراء أيادي (في الدنيا) فإن لهم دولة يوم القيامة، أي يحتاج إليهم الأغنياء والأمراء، فإذا أكرموهم بالدنيا فإنهم يشفعون لهم في الآخرة، اللهم وفقنا لرضاك، ومتعنا بالعافية، واسبل علينا سترك، واجعلنا أهلا لعفوك، واجعل رزقنا كفافا، ولا تحوجنا إلى شرار خلقك، واغرس في قلوبنا حب الفقراء والمساكين من عبادك الصالحين، ووفقنا للتصدّق عليهم من كرمك وفضلك وجودك المسبل علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
هذا أيها الناس حال الفقراء في الآخرة الدائمة، فما هو حال الأغنياء فيها لأن حالهم في الدنيا ليس بشىء مهما كان إذا لم يكن لهم عند اللّه مقام في الآخرة، لأن هذه الدنيا مهما بلغ العبد فيها من الثراء في المال والجاه فمصيرها الزوال، فاسعوا رحمكم اللّه لما يبقى، وأكرموا الفقراء لأنهم سيسخرون من الأغنياء يوم القيامة كما كان الأغنياء يسخرون منهم في الدنيا.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا
قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد للّه رب العالمين.
وهذا آخر ما نزل في مكة المكرمة من سور القرآن الكريم ولم يبق من القسم المكي إلا آيات أثبتناها ضمن سورها المدنية كما سنأتي على ذكرها في محلها إن شاء اللّه، وسنشير إليها كما أشرنا في القسم المكي إلى الآيات المدنيات المثبتة ضمن سورها المكية، وقد ذكرنا شيئا من هجرة الرسول بعد نزول سورة المطففين واجتماع قريش على الصورة المبينة في الآية ٤٠ من سورة العنكبوت المارة، وقد وعدنا بإكمال قصة الهجرة بعد تفسير الآية ٦٠ منها، وهانذا أوفي بذلك فأقول ومن اللّه التوفيق :
مطلب بقية قصة الهجرة وفضل أبي بكر الصديق وجوار ابن الدغنة له :


الصفحة التالية
Icon