اللّه يحيي أبا بكر لأنه هو الذي يتلقاهم ويصافحهم ويجلسهم مجالسهم، ويقصد بذلك عدم تكليف حضرة الرسول واحتراما وتكريما لمقامه، فظنوا أنه هو الرسول، ولما قربت الشمس من مجلسهما ورأى أبو بكر أن الشمس أصابت حضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم قام فظلل عليه بردائه، فعرف الناس كلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذاك، فلبث صلّى اللّه عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أخبر اللّه عنه بأنه أسس على التقوى في الآية ١١٠ من سورة التوبة في ج ٣، وصلى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه، ثم ركب راحلته فسار والناس تمشي خلفه حتى بركت عند مسجد الرسول صلّى اللّه عليه وسلم الآن بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مريدا للتمر (بيدر التمر) وهو ملك لسهل وسهيل غلامين يتيمين في حجر سعد بن زرارة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حين بركت به راحلته : هذا إن شاء اللّه المنزل، ثم دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمريد ليتخذه مسجدا، فقالا بل نهيه لك يا رسول اللّه، فأبى رسول اللّه أن يقبله منهما هبة، حتى ابتاعه منهما بما أرضاهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول اللّه ينقل مع أصحابه اللين والتراب ويعين أصحابه في بنائه، وكان يقول أثناء شغله معهم :
هذي الحمال لا حمال خيبر هذا أبرّ ربنا وأطهر
يعني بذلك أن الحجارة التي تحملها لبناء المسجد أفضل عند اللّه تعالى مما يحمل من خيبر من المال والميرة وغيرها من أنواع التجارة، وفي رواية بالجيم من التجميل أو من الجمال وعليه يكون المعنى أن ما تحمله الجمال من خيبر مما هو جميل بنفسه أو أن الجمال فقط وهي الإبل ليست بشيء بالنسبة لما هم فيه من بناء المسجد الشريف والرواية الأولى أشهر، قالوا وكان يقول صلّى اللّه عليه وسلم :
اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة


الصفحة التالية
Icon