﴿إنّ الأبرار لفي نعيم﴾ أي : في الجنة ثم بين ذلك النعيم بأمور ثلاثة : أوّلها : قوله تعالى:
﴿على الأرائك﴾ أي : الأسرة في الحجال، ولا يسمى أريكة إلا إذا كان كذلك، والحجال بكسر الحاء جمع حجلة، وهي بيت يزين بالثياب والستور والأسرة، قاله الجوهري. ﴿ينظرون﴾ أي : إلى ما شاؤوا مدّ أعينهم إليه من مناظر الجنة، وإلى ما أولاهم الله تعالى من النعمة والكرامة، وإلى أعدائهم يعذبون في النار، وما تحجب الحجال أبصارهم عن الإدراك. وقال الرازي : ينظرون إلى ربهم بدليل قوله تعالى:
﴿تعرف﴾ أي : أيها الناظر إليهم ﴿في وجوههم﴾ عند رؤيتهم ﴿نضرة النعيم﴾ أي : بهجته وحسنه ورونقه كما ترى في وجوه الأغنياء وأهل الترفه، أو الخطاب إمّا للنبيّ ﷺ أو لكل ناظر، وقال الحسن : النضرة في الوجه والسرور في القلب وهذا هو الأمر الثاني. وأمّا الثالث فهو قوله تعالى:
﴿يسقون من رحيق﴾ أي : خمر صافية طيبة وقال مقاتل : الخمر البيضاء. وقال الرازي : لعله الخمر الموصوف بقوله تعالى :﴿لا فيها غول﴾ (الصافات :)
﴿مختوم﴾ أي : ختم ومنع من أن تمسه يد إلى أن يفك ختمه الأبرار. وقال القفال : يحتمل أن يكون ختم عليه تكريماً له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان، وهناك خمر أخرى تجري انهاراً لقوله تعالى :﴿وأنهار من خمره لذة للشاربين﴾ (محمد :)
إلا أنّ هذا المختوم أشرف من الجاري.
﴿ختامه مسك﴾ أي : آخر شربه يفوح منه مسك، فالمختوم الذي له ختام، أي : آخر شربه، وختم كل شيء الفراغ منه. وقال قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك. وقال ابن زيد : ختامه عند الله مسك. وقيل : طينه مسك. وقيل : تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة.