ثم قال : وقد قيل : إن كل شيء ذكره الله تعالى بقوله :
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾ فسّرهُ، وكل ما ذكره بقوله :
﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ تركه مبهماً، وفي هذا الموضع ذكر :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾ وكذا في قوله :
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴾ ثم فسّر الكتاب، لا السجين والعليون. وفي هذه الطبقة موضعها الكتب التي يتبع هذا الكتاب، لا هذا. انتهى.
وقال القاشانيّ :﴿ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ في مرتبة من الوجود مسجون أهلها في حبوس ضيقة مظلمة أذلاء أخسَّاء في أسفل مراتب الطبيعة ودركاتها، وهو ديوان أعمال أهل الشرّ ؛ ولذلك فسّر بقوله :
﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾ أي : ذلك المحل المكتوب فيه أعمالهم كتاب مرقوم برقوم هيئات رذائلهم وشرورهم ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِين َ *الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ أي : بيوم الحساب والمجازاة، وفيه إشعار بأن المطففين ممن يتناولهم هذا الوصف ؛ لأن إصرارهم على التعدي والاجترام يدل على عدم الظن بالبعث، كما قال تعالى :
﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ ﴾ أي : مجاوز طور الفطرة الْإِنْسَاْنية بتجاوزه حد العدالة إلى الإفراط في أفعاله بالبغي والعدوان ﴿ أَثِيمٍ ﴾ أي : مبالِغ في ارتكاب أفانين الإثم وأنواع المعاصي
﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ أي : ما سطروهُ من الأحاديث والأخبار، يريد أنه ليس بوحي ربانيّ، ولا تنزيل إلهيّ، مع نصوع بيانه وشواهد برهانه.
﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [ ١٤ ]