وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ ﴾
وصف أرواح الكفار في الدنيا مع المؤمنين باستهزائهم بهم، والمراد رؤساء قريش من أهل الشرك.
روي ناس عن ابن عباس قال : هو الوليد بن المغيرة، وعُقْبة بن أبي مُعَيْط، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن هشام، وأبو جهل، والنضر بن الحارث ؛ وأولئك ﴿ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ ﴾ من أصحاب محمد ﷺ مثل عَمار، وخَبَّاب وصُهَيب وبِلال ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾ على وجه السخرية.
﴿ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ ﴾ عند إتيانهم رسول الله ﷺ ﴿ يَتَغَامَزُونَ ﴾ : يغمز بعضهم بعضاً، ويشيرون بأعينهم.
وقيل : أي يعيِّرونهم بالإسلام ويعيبونهم به ؛ يقال : غمزت الشيء بيدي ؛ قال :
وكنت إذا غمزتُ قناةَ قومٍ...
كَسَرْت كُعوبَها أو تستقِيماً
" وقالت عائشة : كان النبي ﷺ إذا سجد غمزني، فقبضت رجلي " الحديث ؛ وقد مضى في "النساء".
وغمزته بعيني.
وقيل : الغمز : بمعنى العيب، يقال غمزه : أي عابه، وما في فلان غَمْزة أي عيب.
وقال مقاتل : نزلت في عليّ بن أبي طالب جاء في نفر من المسلمين إلى النبي ﷺ فَلَمَزهُمُ المنافقون، وضحكوا عليهم وتغامزوا.
﴿ وَإِذَا انقلبوا ﴾ أي انصرفوا إلى أهلهم وأصحابهم وذَويهم ﴿ انقلبوا فَكِهِينَ ﴾ أي مُعَجِّبين منهم.
وقيل : مُعْجَبون بما هم عليه من الكفر، متفكهون بذكر المؤمنين.
وقرأ ابن القعقاع وحفص والأعرج والسلميّ :"فَكِهِين" بغير ألف.
الباقون بألف.
قال الفراء : هما لغتان مثل طمِع وطامِع وحذِر، وحاذِر وقد تقدم في سورة "الدخان" والحمد لله.
وقيل : الفكهِ : الأشِر البطر والفاكه : الناعم المتنعم.


الصفحة التالية
Icon