وروى أبو عمرو عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، قال : الصواب : زبرت بالزاي كتبت.
وذبرت بالذال أتقنت ما حفظت.
قال : والبيت يزبرها، بالزاي والضم.
وقال ابن قتيبة : يروى "يزبرُها" و"يذبرُها" وهو مثله، يقال : زبر الكتاب يزبرُه، ويزبرِه.
وذَبره يذبرُه، ويذبِره.
وقال قتادة : رقّم له بشرٍّ، كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنه الكافر.
وقيل : المعنى : إنه مثبت لهم كالرقم في الثوب، لا ينسى ولا يمحى حتى يجازوا به.
قوله تعالى :﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ هذا منتظم بقوله تعالى :﴿ يوم يقوم الناس ﴾ وما بينهما كلام معترض.
وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله تعالى :﴿ بل ران على قلوبهم ﴾ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر "بل ران" بفتح الراء مدغمة، وقرأ أبو بكر عن عاصم "بل ران" مدغمة بكسر الراء.
وقرأ حفص عن عاصم "بل" بإظهار اللام "ران" بفتح الراء.
قال اللغويون : أي : غلب على قلوبهم، يقال : الخمرة ترين على عقل السكران.
قال الزجاج : قرئت بإدغام اللام في الراء، لقرب ما بين الحرفين، وإظهار اللام جائز، لأنه من كلمة، والرأس من كلمة أخرى.
ويقال : ران على قلبه الذَّنْب يرين ريناً : إذا غشي على قلبه، ويقال : غان يغين غنياً، والغين كالغيم الرقيق، والرين كالصدأ يغشى على القلب.
وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول : الغين يقال : بالراء، وبالغين، ففي القرآن "كلا بل ران" وفي الحديث " إنه ليغان على قلبي " وكذلك الراية تقال بالراء، وبالغين، والرميصاء تكتب "بالغين"، وبالراء، لأن الرمص يكتب بهما.
قال المفسرون : لما كثرت معاصيهم وذنوبهم أحاطت بقلوبهم.
قال الحسن : هو الذَّنب على الذَّنب حتى يعمى القلب.
قوله تعالى :﴿ كلا ﴾ أي : لا يصدِّقون.
ثم استأنف ﴿ إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾ قال ابن عباس : إنهم عن النظر إلى ربهم يومئذ لمحجوبون، والمؤمن لا يحجب عن رؤيته.


الصفحة التالية
Icon