وأنزل" ﴿ إِنَّهُ كَانَ في أَهْلِهِ ﴾ أي في الدنيا ﴿ مَسْرُوراً ﴾ قال ابن زيد : وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء والشفقة في الدنيا، فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة، وقرأ قول الله تعالى :﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ في أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ الله عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم ﴾ [ الطور : ٢٦-٢٧ ].
قال : ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحِك فيها والتفكه.
فقال :﴿ إِنَّهُ كَانَ في أَهْلِهِ مَسْرُوراً ﴾.
﴿ إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴾ أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب، ثم يثاب أو يعاقب.
يقال : حار يحور إذا رجع ؛ قال لبيد :
وما المرء إِلا كالشهابِ وضوئِهِ...
يحورُ رَماداً بعد إِذا هو ساطِعُ
وقال عِكرمة وداود بن أبي هند، يحور كلمة بالحبشية، ومعناها يرجع.
ويجور أن تتفق الكلمتان فإنهما كلمة اشتقاق ؛ ومنه الخبز الحُوارَى ؛ لأنه يرجع إلى البياض.
وقال ابن عباس : ما كنت أدري : ما يحور؟ حتى سمعت أعرابية تدعو بنية لها : حُورى، أي ارجَعي إليّ، فالحَوْر في كلام العرب الرجوع ؛ ومنه قوله عليه السلام :" اللهم إني أعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْر " يعني : من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وكذلك الحُور بالضم.
وفي المثل "حُورٌ في محارة" أي نقصان في نقصان.
يضرب للرجل إذا كان أمره يُدْبِر ؛ قال الشاعر :
واستعجلوا عن خفِيف المضغِ فازدردوا...
والذم يبقَى وزاد القومِ في حُوْرِ
والحُورْ أيضاً : الاسم من قولك : طحَنَتِ الطاحنة فما أحارت شيئاً ؛ أي ما ردت شيئاً من الدقيق.
والحُورْ أيضاً : الهلكة ؛ قال الراجز :
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى ولا شَعَر...
قال أبو عبيدة : أي بئر حُورِ، و "لا" زائدة.
وروي "بعد الكون" ومعناه من انتشار الأمر بعد تمامه.
وسئِل معمر عن الحَوْر بعد الكون، فقال : هو الكُنْتِيّ.


الصفحة التالية
Icon