وقال الآلوسى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه وَرَاء ظَهْرِهِ ﴾
أي يؤتاه بشماله من وراء ظهره قيل تغل يمناه إلى عنقه وتجعل شماله وراء ظهره فيؤتى كتابه بشماله وروى أن شماله تدخل في صدره حتى تخرج من وراء ظهره فيأخذ كتابه بها فلا تدافع بين ما هنا وما في سورة الحاقة حيث لم يذكر فيه الظهر ثم هذا إن كان في الكفرة وما قبله في المؤمنين المتقين فلا تعرض هنا للعصاة كما استظهره في "البحر" وقيل لا بعد في إدخال العصاة في أهل اليمين أما لأنهم يعطون كتبهم باليمين بعد الخروج من النار كما اختاره ابن عطية أو لأنهم يعطونها بها قبل لكن مع حساب فوق حساب المتقين ودون حساب الكافرين ويكون قوله تعالى ﴿ فسوف يحاسب حساباً يسيراً ﴾ [ الاشتقاق : ٨ ] من وصف الكل بوصف البعض وقيل إنهم يعطونها بالشمال وتمييز الكفرة بكون الإعطاء من وراء ظهورهم ولعل ذلك لأن مؤتي الكتب لا يتحملون مشاهدة وجوههم لكمال بشاعتها أو لغاية بغضهم إياهم أو لأنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
﴿ فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً ﴾ يطلبه ويناديه ويقول يا ثبوراه تعالى فهذا أو أنك والثبور الهلاك وهو جامع لأنواع المكاره.
﴿ ويصلى سَعِيراً ﴾ يقاسي حرها أو يدخلها وقرأ أكثر السبعة وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء والحسن والأعرج يصلي بضم الياء وفتح الصاد واللام مشددة من التصلية لقوله تعالى ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الواقعة : ٩٤ ] وقرأ أبو الأشهب وخارجة عن نافع وأبان عن عاصم والعتكي وجماعة عن أبي عمرو يصلي بضم الياء ساكن الصاد مخفف اللام مبنياً للمفعول من الأصلاء لقوله تعالى :﴿ وَنُصْلِهِ جَهَنَّم ﴾
﴿ إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ ﴾ في الدنيا ﴿ مَسْرُوراً ﴾ فرحاً بطراً مترفاً لا يخطر بباله أمور الآخرة ولا يتفكر في العواقب ولم يكن حزيناً متفكراً في حاله ومآله كسنة الصلحاء والمتقين والجملة استئناف لبيان علة ما قبلها وقوله تعالى :