واحتجوا عليه بوجوه أحدها : قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر، قال : فدل ذلك على أن الشفق هو الحمرة وثانيها : أنه جعل الشفق وقتاً للعشاء الأخيرة فوجب أن يكون المعتبر هو الحمرة لا البياض لأن البياض يمتد وقته ويطول لبثه، والحمرة لما كانت بقية ضوء الشمس ثم بعدت الشمس عن الأفق ذهبت الحمرة وثالثها : أن اشتقاق الشفق لما كان من الرقة، ولا شك أن الضوء يأخذ في الرقة والضعف من عند غيبة الشمس فتكون الحمرة شفقاً.
أما قوله :﴿واليل وَمَا وَسَقَ﴾ فقال أهل اللغة : وسق أي جمع ومنه الوسق وهو الطعام المجتمع الذي يكال ويوزن ثم صار اسماً للحمل واستوسقت الإبل إذا اجتمعت وانضمت والراعي يسقها أي يجمعها قال صاحب "الكشاف" : يقال وسقه فاتسق واستوسق ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين اتسع واستوسع.
وأما المعنى فقال القفال : مجموع أقاويل المفسرين يدل على أنهم فسروا قوله تعالى :﴿وَمَا وَسَقَ﴾ على جميع ما يجمعه الليل من النجوم ورجوع الحيوان عن الانتشار وتحرك ما يتحرك فيه الهوام، ثم هذا يحتمل أن يكون إشارة إلى الأشياء كلها لاشتمال الليل عليها فكأنه تعالى أقسم بجميع المخلوقات كما قال :


الصفحة التالية
Icon