"فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً" ١١ يصيح يا ويلاه يا هلاكاه، وهذا أشد حسرة وأكثر تأثرا وأعظم حزنا ممن يسقط في آخر دورة من أدوار تعليمه إذ يرجى له أن يمهل ليكمل أو يؤذن له بما دون ذلك، وأما هذا فيلاقي العذاب الأليم ويخلد في الجحيم ولا يجاب دعاؤه ولا يسمع نداؤه "وَيَصْلى سَعِيراً" ١٢ نارا تأجج يحرق فيها لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة طيبة "إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ" بدار الدنيا "مَسْرُوراً" ١٣ باتباع هواه وركوب شهوته والعكوف على ملاذه "إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ" ١٤ يرجع إلى ربه ولن يحيى بعد موته وليس كما ظن "بَلى " إنه يعود إلى ربه ويبعث من قبره ويحاسب على فعله "إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً" ١٥ من يوم خلقه إلى يوم حشره إلى
ما بعد ذلك، والبصير لا يخفى عليه شيء، وهو مبالغة من باصر، وهو من يدرك الأمور المحسوسة والمعقولة يبصره وبصيرته، ولما كان اللّه تعالى عالما بأحواله كلها فلا يجوز في حكمته إهماله، بل لا بد من إثابته على صالح عمله ومعاقبته على سيئه.
روى البخاري ومسلم عن عائشة كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وان النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال من حوسب عذّب، قالت فقلت أو ليس يقول اللّه عز وجل (يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) قالت فقال ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب عذّب.
قال تعالى "فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ" ١٦ الحمرة التي تبقى بالأفق بعد غروب الشمس وتظهر قبل طلوعها بعد البياض "وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ" ١٧ جمع وضمّ ما كان منتشرا في النهار من الناس والدواب والهوام والحيتان والطير، لأن ما كان طوره الانتشار في النهار، قد يجتمع في الليل، وبالعكس فإن ما كان منضما بالنهار قد ينتشر بالليل، ويقال طعام موسوق أي مجموع ومستوسقة مجتمعة، قال الشاعر :
إن لنا قلائصا حقائقا مستوسقات لم يجدن سائقا