و يأتي وسق بمعنى عمل أي وما عمل فيه وعليه قوله :
فيوما ترانا صالحين وتارة تقوم بنا كالواسق المتلبّب
وما جاء بأن يحور بمعنى يرجع قوله :
وما المرء إلا كالشهاب ووضوءه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
والشفق مأخوذ من الرقة يقال شيء شفق أي لا يتماسك لوقته، ومنه أشفق عليه خاف عليه ورق له، والشفقة من الإشفاق والشفق، قال الشاعر :
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم
والوسق في العرف ستون صاعا أو حمل بعير، وهذا مما يدل على أن الصاع المستعمل الآن في بعض البلاد غيره قبلا، لأن ستين منه الآن لا يحملها جملان، راجع الآية ١٤١ من سورة الأنعام المارة تعلم تفصيل هذا، ويأتي وسق بمعنى طرد أي وما أطرده إلى أماكنه من الدواب وغيرها، ومن ضوء النهار، ومنه الوسيقة قال في القاموس وهي من الإبل كالرفقة من الناس، فإذا سرقت طردت معا،
ولا حاجة هنا لتقدير لفظ (رب) أي أقسم برب الشفق كما قاله بعض المفسرين، لأن اللّه تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه جمادا كان أو ناميا، وحكم لا في هذا القسم حكمها في (لا أقسم بيوم القيامة) المارة في ج ١ فراجعها.
قال تعالى "وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ" ١٨ ثمّ نوره وجمع وكملت استدارته فصار بدرا "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ" ١٩ أي لتداولنّ أيها الناس في حياتكم ومماتكم حالا بعد حال مماثلة ومطابقة وموافقة لأحتها في الشدة والهول، قال الأعرج بن جابس :
إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره وساقي طبق منه إلى طبق
وقد تأتي عن التي معناها المجاوزة بمعنى بعد كما في قولهم : سادرك كابرا عن كابر، أي بعد كابر، وعليه قوله :
ما زلت أقطع منها منهلا عن منهل حتى أنخت بباب عبد الواحد