لأن المجاوزة والبعد متقاربان، واللام في لتركبن واقعة في جواب القسم، وجاء لفظ الطبق بمعنى عشرين عاما أخرج نعيم بن حماد وأبو نعيم عن مكحول أنه قال في الآية تكونون في كل عشرين سنة على حال لم تكونوا على مثلها، أي قبلها.
وفي رواية ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في كل عشرين عاما تحدثون أمرا لم تكونوا عليه، وعلى هذا المعنى ما جاء في القاموس من جملة معاني الطبق، ويأتي بمعنى القرآن، قال العباس بن عبد المطلب يمدح حضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم :
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض وضاء بنورك الأفق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
وعليه يكون المعنى لتركبن سنن من قبلكم قرنا بعد قرن، إلا أن هذين المعنيين الآخرين خلاف الظاهر، والمعول على الأول، وهو ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، وما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : لتتبعنّ سنن الذين من قبلكم وأحوالهم شبرا بعد شبر وذراعا بعد ذراع حتى لو دخلوا جحرضب لتبعتموهم.
قلنا يا رسول اللّه اليهود والنصارى ؟
قال فمن ؟ أي فمن دونهم أو من قبلهم أو هم أنفسهم، وهو حديث صحيح ولكن لا يراد أنه جاء مفسرا لهذه الآية، تدبر ومن خصّ هذا الخطاب لسيد المخاطبين
فقط من المفسرين أراد لتركبن سماء بعد سماء إذ يطلق على السماء طبق أيضا، لكون الواحدة فوق الأخرى، قال تعالى (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) الآية ٣ من سورة الملك المارة، وقد أوله بما يشير إلى المعراج، على أن المعراج وقع قبل هذا بأكثر من سنتين، وذكرنا آنفا بما يشعر إلى التعميم، وهو المناسب بسياق التنزيل وسباق الآي.


الصفحة التالية
Icon