موالجها، والطيور إلى أوكارها ومواكنها «١». فكأنه ضم ما كان بالنهار منتشرا، وجمع ما كان متبددا متفرقا. والأوساق مأخوذة من ذلك، لأنها الأحمال التي يجمع فيها الطعام وما يجرى مجراه. ويقال : طعام موسوق. أي مجموع فى أوعيته.
وقد قيل : إن معنى «وسق» أي طرد. والوسيقة : الطريدة. فكأن الليل يطرد الحيوانات كلها إلى مثاويها، ويسوقها إلى مخافيها.
[سورة الانشقاق (٨٤) : آية ١٩]
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)
وقوله سبحانه : لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [١٩] وهذه استعارة على بعض التأويلات. والمراد بها لتنقلبنّ من حال شديدة إلى حال مثلها، من حال الموت وشدته، إلى حال الحشر وروعته.
وقيل : لتركبن سنّة من كان قبلكم من الأمم.
وقيل : المراد بذلك تنقّل الناس فى أحوال الأعمار، وأطوار الخلق والأخلاق. والعرب تسمى الدواهي «بنات طبق». وربما سمّوا الداهية : أم طبق. قال الشاعر «٢».
قد طرّقت ببكرها أمّ طبق فنتجوها خبرا ضخم العنق.
موت الإمام فلقة من الفلق
(٢) هو خلف الأحمر. وأصله مولى لأبى بردة من فرغانة، ولكنه حفظ كلام العرب وشعرهم وأخبارهم، حتى صار يقول الشعر فيجيده وينحله الشعراء المتقدمين. وكان الأصمعى من رواته، كما سمع هو من حماد الرواية. وأخباره فى «طبقات الأدباء» و«الشعر والشعراء» و«العقد الفريد» و«الفهرست».
وتوفى سنة ١٨٠ ه.
وأم طبق : هى الداهية. والخبر : الناقة الغزيرة اللبن، والفلقة : الداهية. وفى «ثمار القلوب» للثعالبى : قال الأصمعى : أول من نعى المنصور بالبصرة خلف الأحمر، وكنا فى حلقة يونس، فجاء خلف الأحمر فسلم، ولم يكن الخبر فشا، ثم قال :«قد طرقت ببكرها أم طبق». فقال يونس : وما ذاك يا أبا محرز ؟
فقال :«فنتجوها خبرا ضخم العنق». فقال : لم أدر بعد! فقال :«موت الإمام فلقة من الفلق».
فارتفعت الضجة بالبكاء والاسترجاع- ص ٢٠٧ من «الثمار».
وانظر الخبر فى «لسان العرب» مادة طبق. وفى الورقة ٦٠ من كتاب «المعول عليه، فى المضاف والمضاف إليه» للمحبى، وهو مخطوط مصور بمجمع اللغة العربية