فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الانشقاق
" إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت". نحن نظن السماء هى القبة الزرقاء فوقنا ولا ندرى شيئا عن طباقها ولا سكانها ولا طبيعة الحياة فيها! وقد أخبرنا الله أن السماء ستنشق، وخبره حق وسيظهر ذلك مع قيام الساعة. كما أن الأرض ستمد وتتخلى عما فى باطنها من نفيس وخسيس! عند بدء الخليقة قيل للأرض والسماء " ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " ومع انتهاء العالم تستجيب الأرض والسماء لما يراد بهما. ويقول الله فى كلتيهما " وأذنت لربها وحقت "، أى استمعتا إليه. وهل يملكان إلا السمع والطاعة؟ " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ". لقد كانت الدنيا دار تكليف وامتحان جاد شاق وعلى المرء أن يختار. أمامك فانظر: أى نهجيك تنهج طريقان شتى! مستقيم وأعوج! " فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا * ويصلى سعيرا". ومعنى وراء ظهره أنه يأخذه بشماله من خلف ظهره كأن الله يمقت رؤية وجهه!! فقد كان فى الدنيا ينكر وجوده، ويطرح وحيه، ولا يعرف إلا المادة وفناءها " بلى إن ربه كان به بصيرا ". عارفا بعمله كله.! وتتضمن السورة بعدئذ قسما بالشفق " والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق ". أى حالا بعد حال! والشفق هو الحمرة الممتدة فى الآفاق بعد العصر إيذانا بالغروب.. وقد بدا لى فى هذا القسم فهم، إن كان حقا فمن الله وله المنة، وإن كان خطأ فمن نفسى وأسأله العفو. إن الشفق هنا إيماءة إلى تاريخ المسلمين وما يعتريه من عسر ويسر وهزيمة ونصر.


الصفحة التالية
Icon