وهو ذكر الأعمال كلها - والمقابلة على كل منها، وذلك هو معنى المناقشة، فمعنى " من نوقش الحساب " من حوسب حساباً حقيقياً بذكر جميع أعماله والمقابلة على كل منها، وأن المراد بالحساب في الآية جزء المعنى المطابقي وهو ذكر الأعمال فقط من غير مقابلة، وذلك بدلالة التضمن مجازاً مرسلاً لأنه إطلاق اسم الكل على الجزء، ولأجل هذا كانت الصديقة رضي الله تعالى عنها تقول بعد هذا في تفسير الآية : يقرر بذنوبه ثم يتجاوز عنها - كما نقله عنها أبو حيان، وعلى ذلك دل قوله ـ ﷺ ـ فيما رواه الشيخان عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ :
" إن الله تعالى يدني المؤمن يوم القيامة فيضع كنفه عليه ويستره ثم يقول له : أتعرف ذنب كذا - حتى يذكره بذنوبه كلها ويرى في نفسه أنه قد هلك، قال الرب سبحانه : سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم " ولفظ " كنفه " يدل على ذلك فإن كنف الطائر جناحه، وهو إذا وقع فرخه في كنفه عامله بغاية اللطف، فالله تعالى أرحم وألطف. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٣٦٧ ـ ٣٧١﴾