إذا بلغا جهدهما في الكرم الرحمة وتكلفاً فوق ما في طبعهما، واعلم أن التحقيق أن الله تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من بطن الأرض إلى ظهرها، لكن الأرض وصفت بذلك على سبيل التوسع، وأما قوله :﴿وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقَّتْ﴾ فقد تقدم تفسيره إلا أن الأول في السماء وهذا في الأرض، وإذا اختلف وجه الكلام لم يكن تكراراً.
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)
اعلم أن قوله تعالى :﴿إِذَا السماء انشقت﴾ [ الإنشقاق : ١ ] إلى قوله :﴿يا أيها الإنسان﴾ شرط ولا بد له من جزاء واختلفوا فيه على وجوه أحدها : قال صاحب الكشاف : حذف جواب إذاً ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أدخل في التهويل وثانيها : قال الفراء : إنما ترك الجواب لأن هذا المعنى معروف قد تردد في القرآن معناه فعرف، ونظيره قوله :﴿إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةِ القدر﴾ [ القدر : ١ ] ترك ذكر القرآن لأن التصريح به قد تقدم في سائر المواضع وثالثها : قال بعض المحققين : الجواب هو قوله :﴿فملاقيه﴾ وقوله :﴿يا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحاً﴾ [ الإنشقاق : ٦ ] معترض، وهو كقول القائل إذا كان كذا وكذا يا أيها الإنسان ترى عند ذلك ما عملت من خير أو شر، فكذا ههنا.