وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِذَا السمآء انشقت ﴾
أي انصدعت، وتفطرتْ بالغَمام، والغَمام مثل السحاب الأبيض.
وكذا رَوَى أبو صالح عن ابن عباس.
وروي عن عليّ عليه السلام قال : تُشَقّ من المجرة.
وقال : المُجَرَّة باب السماء.
وهذا من أشراط الساعة وعلاماتها.
﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ أي سمِعت، وحق لها أن تسمع.
رُوِي معناه عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما ؛ ومنه قوله ﷺ :" ما أَذِن الله لشيء كَأَذنَه لنبيّ يتغنى بالقرآن " أي ما استمع الله لشيء ؛ قال الشاعر :
صُمٌّ إذا سمِعوا خيراً ذُكرتُ بِه...
وإن ذُكِرتْ بِسُوءِ عِندهم أَذِنُوا
أي سمعوا.
وقال قعنب بن أمّ صاحب :
إِنْ يأذَنُوا رِيبةً طاروا بها فرحاً...
وما هُمُ أَذِنوا من صالحٍ دَفَنُوا
وقيل : المعنى وحقَّق الله عليها الاستماعَ لأمره بالانشقاق.
وقال الضحاك : حُقَّتْ : أطاعت، وحُقّ لها أن تطيع ربها، لأنه خلقها ؛ يقال : فلان محقوق بكذا.
وطاعة السماء : بمعنى أنها لا تمتنع مما أراد الله بها، ولا يبعد خلق الحياة فيها حتى تطيع وتجيب.
وقال قتادة : حق لها أن تفعل ذلك ؛ ومنه قول كثير :
فإن تكنِ العُتْبِى فأَهلاً ومَرْحَباً...
وحُقَّتْ لها العُتْبَى لدينا وقَلَّتِ
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا الأرض مُدَّتْ ﴾ أي بُسِطَت ودُكَّت جِبالها.
قال النبي ﷺ :" تُمَدّ مَدَّ الأديم " لأن الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وامتد واستوى.
قال ابن عباس وابن مسعود : ويزاد، وسعتها كذا وكذا ؛ لوقوف الخلائق عليها للحساب حتى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدمه، لكثرة الخلائق فيها.
وقد مضى في سورة "إبراهيم" أن الأرض تبدل بأرض أخرى وهي الساهِرة في قول ابن عباس على ما تقدم عنه.
﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ أي أخرجت أمواتها، وتخلت عنهم.


الصفحة التالية
Icon