وقال ابن جُبَير : ألقت ما في بطنها من الموتى، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء.
وقيل : ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها، وتخلت منها.
أي خلا جوفها، فليس في بطنها شيء، وذلك يؤذن بعظم الأمر، كما تلقي الحامل ما في بطنها عند الشدة.
وقيل : تَخَلَّت مما على ظهرها من جبالها وبحارها.
وقيل : أَلْقَتْ ما استودعت، وتخلت مما استحفظت ؛ لأن الله تعالى استودعها عباده أحياء وأمواتاً، واستحفظها بلاده مزارعة وأقواتاً.
﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ﴾ أي في إلقاء موتاها ﴿ وَحُقَّتْ ﴾ أي وحق لها أن تسمع أمره.
واختلف في جواب "إذا" فقال الفراء :"أذِنت".
والواو زائدة، وكذلك "وأَلْقَتْ".
ابن الأنباري : قال بعض المفسرين : جواب "إذا السماء انشقت" "أَذِنت"، وزعم أن الواو مقحمة وهذا غلط ؛ لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع "حتى إذا" كقوله تعالى :﴿ حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] ومع "لما" كقوله تعالى :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ ﴾
[ الصافات : ١٠٣-١٠٤ ] معناه "ناديناهُ" والواو لا تقحم مع غير هذين.
وقيل : الجواب فاء مضمرة كأنه قال :"إذا السماء انشقت" فايأيها الإنسان إنك كادح.
وقيل : جوابها ما دل عليه "فمُلاقِيهِ" أي إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه.
وقيل : فيه تقديم وتأخير، أي ﴿ يا أيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ ﴾ "إِذا السماء انشقت".
قال المبرد.
وعنه أيضاً : الجواب "فأما من أوتِي كِتابه بِيمينِهِ" وهو قول الكسائي ؛ أي إذا السماء انشقت فمن أوتي كتابه بيمينه فحكمه كذا.
قال أبو جعفر النحاس : وهذا أصح ما قيل فيه وأحسنه.
قيل : هو بمعنى اذكر ﴿ إِذَا السمآء انشقت ﴾.
وقيل : الجواب محذوف لعلم المخاطبين به ؛ أي إذا كانت هذه الأشياء علم المكذِّبون بالبعث ضلالتهم وخسرانهم.


الصفحة التالية
Icon