خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حَرَامًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ بَاقٍ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ نَبْتَدِئَ فِيهَا بِالْقِتَالِ لِمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَقَدْ كَانَ الْقِتَالُ مَحْظُورًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ بِقَوْلِهِ :﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ﴾، ثُمَّ نَسَخَ بِقَوْلِهِ ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : هُوَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَالْحَظْرُ بَاقٍ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ١ صـ ٣٢١﴾
قوله تعالى :﴿وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله ﴾
قال الفخر :
﴿ وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله﴾ أي في طاعته وطلب رضوانه، روى أبو موسى أن النبي ﷺ سئل عمن يقاتل في سبيل الله، فقال :" هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ولا يقاتل رياء ولا سمعة ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٠٩﴾
وقال صاحب الميزان :
قوله تعالى :﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم﴾، القتال محاولة الرجل قتل من يحاول قتله، وكونه في سبيل الله إنما هو لكون الغرض منه إقامة الدين وإعلاء كلمة التوحيد، فهو عبادة يقصد بها وجه الله تعالى دون الاستيلاء على أموال الناس وأعراضهم فإنما هو في الإسلام دفاع يحفظ به حق الإنسانية المشروعة عند الفطرة السليمة كما سنبينه، فإن الدفاع محدود بالذات، والتعدي خروج عن الحد، ولذلك عقبه بقوله تعالى :﴿ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾. أ هـ ﴿الميزان حـ ٢ صـ ٦١﴾