نقل عن مقاتل أنه قال : إن الآية المتقدمة على هذه الآية، وهي قوله :﴿وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله الذين يقاتلونكم﴾ [البقرة : ١٩٠] منسوخة بقوله تعالى :﴿وَلاَ تقاتلوهم عِندَ المسجد الحرام﴾ ثم تلك الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة : ١٩٣] وهذا الكلام ضعيف.
أما قوله : إن قوله تعالى :﴿وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله الذين يقاتلونكم﴾ منسوخ بهذه الآية، فقد تقدم إبطاله، وأما قوله : إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿وَلاَ تقاتلوهم عِندَ المسجد الحرام﴾ فهذا من باب التخصيص لا من باب النسخ، وأما قوله :﴿وَلاَ تقاتلوهم عِندَ المسجد الحرام﴾ منسوخ بقوله :﴿وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة : ١٩٣] فهو خطأ أيضاً لأنه لا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم، وهذا الحكم ما نسخ بل هو باقٍ فثبت أن قوله ضعيف ولأنه يبعد من الحكيم أن يجمع بين آيات متوالية تكون كل واحدة منها ناسخة للأخرى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١٠﴾
قوله تعالى :﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾
قال الفخر :
الإخراج يحتمل وجهين أحدهما : أنهم كلفوهم الخروج قهراً
والثاني : أنهم بالغوا في تخويفهم وتشديد الأمر عليهم، حتى صاروا مضطرين إلى الخروج. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١١﴾
قال الفخر :
صيغة ﴿حَيْثُ﴾ تحتمل وجهين أحدهما : أخرجوهم من الموضع الذي أخرجوكم وهو مكة
والثاني : أخرجوهم من منازلكم، إذا عرفت هذا فنقول : إن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يخرجوا أولئك الكفار من مكة إن أقاموا على شركهم إن تمكنوا منه، لكنه كان في المعلوم أنهم يتمكنون منه فيما بعد، ولهذا السبب أجلى رسول الله ﷺ كل مشرك من الحرم.
ثم أجلاهم أيضاً من المدينة، وقال عليه الصلاة والسلام :" لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١١﴾


الصفحة التالية
Icon